وصاية إيران ودمار لبنان: أين مصلحة الشعب وسط شعارات حزب الله؟
بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم
في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من أزمات خانقة طالت جميع جوانب الحياة، يخرج الأمين العام الجديد لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في خطاب جديد أشبه بمحاولة إعادة تدوير الشعارات ذاتها عن "الكرامة" و"المقاومة"، متجاهلًا المعاناة اليومية التي يعيشها اللبنانيون تحت وطأة سياسات الحزب المتهورة. قاسم يتغنى بمفردات "العزة" و"الشرف"، لكن ما هي "العزة" في أن يتحول لبنان إلى ساحة حرب بالوكالة لمصالح طهران، وأن يدفع شعبه الثمن الأكبر في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل؟
بينما يتحدث قاسم عن "بطولات" المقاومة، فإن الواقع يعرض صورة مغايرة؛ فقد قُتل ما يقارب 3000 لبناني، واضطر أكثر من مليون ونصف المليون شخص للنزوح من بيوتهم، وسط دمار شامل لقرى الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية وبعلبك، لتتحول إلى ساحات دمار وصمت. أين هي "المقاومة" التي يتحدث عنها؟ وهل هناك نصر في أن يُدمر وطنك وتُشرد شعبك وتُستهلك موارده حتى آخر رمق؟
ومما يثير الغضب هو حديثه عن "مساندة غزّة" و"مواجهة المشروع الإسرائيلي"، في وقت لبنان بأمس الحاجة إلى دعم ومساندة لإنقاذه من الفقر والانهيار، لا الدخول في حروب تعصف به وتستهلك ما تبقى من قدراته. الشعب اللبناني يريد السلام، يريد مستقبلاً واعدًا، ويريد دولة تضمن استقراره، لا حزبًا يسحبه إلى حافة الهاوية.
أما إشادته بالدعم الإيراني، فما هو إلا تذكير بأن حزب الله لم يعد إلا ذراعًا إقليميًا لخدمة مصالح طهران، وهو "دعم" دفع لبنان ثمنه انهيارًا اقتصاديًا خانقًا، وهجرة كبرى لأبنائه الباحثين عن حياة كريمة في دول أخرى. في النهاية، هذا ليس "دعمًا" بل وصاية قسرية يرفضها كل لبناني يتطلع إلى سيادة وطنه واستقلاله.
اليوم، لبنان في حاجة إلى شجاعة من نوع آخر؛ شجاعة تُبعده عن حروب الاستنزاف وتعزز قدراته في بناء مستقبل مزدهر، لا شعارات جوفاء عن "مقاومة" تكبل البلاد وتحرمه من حقه في الازدهار. إن الشعب اللبناني لن يسكت طويلًا، وسيرفض أن يظل رهينة في مسرح عرائس إقليمي لا ناقة له فيه ولا جمل.