نواف سلام يُعلن الثورة باسم الدولة: انتهى زمن السلاح والهيمنة… ولبنان يبدأ من جديد

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

نواف سلام يُعلن الثورة باسم الدولة: انتهى زمن السلاح والهيمنة… ولبنان يبدأ من جديد

في لحظة سياسية موغلة في الانهيار، ظهر نواف سلام لا كـ"رئيس حكومة" عابر في سجل طويل من رؤساء التسويات، بل كرجل دولة نفض الغبار عن الجمهورية، وأعاد إلى السياسة اللبنانية وهجها الحقيقي: سيادة، دولة، عدالة، ومؤسسات.

 

سلام لا يُهادن. لا يُساير. لا يُجامل. بل يُعلن ثورة دولة من داخل الدولة.

 

"لن نسكت عن بقاء أي سلاح خارج سلطة الدولة"

 

بهذه الجملة، دوّى صوت نواف سلام في سماء بيروت، كما لو أن الجمهورية استعادت أنفاسها من موت سريري. لم يُطلق التصريح من وراء جدران باردة، بل من على منبر "سكاي نيوز عربية"، موجّهًا رسالته إلى الداخل اللبناني والخارج العربي والدولي على حدّ سواء.

 

ولم يتوقّف عند حدود الداخل، بل صوّب السهام نحو الإقليم، حين قال:

 

"عصر تصدير الثورة الإيرانية انتهى"

 

تصريح يُعدّ أخطر وأجرأ موقف يصدر عن رئيس حكومة لبناني منذ ٢٠٠٥، ليس فقط لكونه يقطع مع التدخلات الخارجية، بل لأنه يفتح بابًا جديدًا نحو سياسة لبنانية مستقلة، ذات وجه عربي، ومصلحة لبنانية أولى وأخيرة.

 

"نحن طلاب سلام... لكننا نريد سلامًا عادلًا ومستدامًا"

 

في هذه العبارة تتجلّى هوية نواف سلام: رجل حقوقي، أممي، لا يبيع السلم الأهلي في سوق المساومات، بل يشترط العدالة لتحقيقه. يريد سلامًا يحرّر بيروت من الخوف، ويحرّر طرابلس من الفقر، وصيدا من التهميش، والمخيمات من السلاح والفوضى.

 

دولة الطائف أم دولة الطوائف؟

 

"اتفاق الطائف طُبّق بشكل انتقائي"، قالها سلام بوضوح لم يجرؤ عليه كثيرون من قبله. إنها ليست مجرد ملاحظة تقنية، بل إدانة صريحة للمنظومة التي جعلت من اتفاق الوفاق الوطني مجرد ورقة نُفّذت بما يخدم قوى المحاصصة، لا مصلحة الوطن.

 

يريد سلام إعادة الطائف إلى أصله: مشروع دولة مدنية، لا محمية طائفية.

 

"نعمل ليل نهار على استعادة ثقة العرب بلبنان"

 

في عبارة مركّزة، يختصر سلام جهدًا مزدوجًا: إصلاح الداخل وكسر العزلة. لا يريد أن يبقى لبنان حديقة خلفية لصراع إقليمي، بل أن يعود منارة للثقافة والاقتصاد والسيادة في المشرق العربي.

 

زعيم من خارج الزعامة

 

"أنا رئيس حكومة لبنان ولا يمكن أن أميز السنة عن غيرهم". في بلد تُحكم فيه الطوائف ببطاقات الولاء، يُصرّ نواف سلام على تقديم نفسه رئيسًا لكل اللبنانيين. لا يشبه زعامات الميليشيا، ولا يطمئن إلى توازنات الرعب. بل يستمد شرعيته من مشروع وطني واضح المعالم.

 

لم تعد المعركة فقط بين حكومة ومعارضة، بل بين مشروعين:

 

مشروع الدولة، كما يمثّله نواف سلام.

 

ومشروع اللادولة، كما يُصِرّ عليه حماة السلاح والمصالح.

 

 

كل من يريد جمهورية القانون، عليه أن يسير خلف هذه اللحظة السياسية النادرة.

كل من حلم بيومٍ يُجاهر فيه رئيس حكومة بأنه يريد "تغيير قواعد اللعبة"، عليه أن يتمسك بهذه الفرصة التاريخية.

 

لم يمرّ على لبنان رئيس حكومة يشبه نواف سلام.

رئيس لا يحكم ليُدير الأزمة، بل جاء ليقلب قواعدها.

رجل لا يتلطى خلف الأرقام أو البيانات، بل يقولها كما هي:

"هذه دولة مخطوفة، وأنا أريد استعادتها."

 

فهل يتبعه اللبنانيون؟ أم يفوّتون آخر فرصة قبل السقوط النهائي؟