شكرًا فخامة الرئيس، وشكرًا دولة الرئيس... لأن الدبلوماسية نجحت حيث فشلت المدافع.

خاص مراسل نيوز

شكرًا فخامة الرئيس، وشكرًا دولة الرئيس... لأن الدبلوماسية نجحت حيث فشلت المدافع.

في وقتٍ كانت فيه المنطقة تشتعل وتستنفر على وقع الصواريخ العابرة للحدود والتصعيد الإقليمي المحتدم، نجح لبنان في عبور أخطر مرحلة من دون أن يجرّه أحد إلى حافة الانفجار. والفضل؟ ليس فقط للقدر، بل لجهد دبلوماسي جبار، صامت، وهادئ... دار خلف الكواليس بين بيروت والدوحة، ومرّ عبر نوافذ السياسة وممرات الأزمات.

رئيس الحكومة نواف سلام، من قلب الديوان الأميري في الدوحة، قالها بصراحة لا تحتمل التأويل:

"الحمد لله أننا منعنا انزلاق لبنان إلى حرب جديدة، ونتطلع إلى صفحة جديدة من العمل الدبلوماسي."

كلمات تختصر أيامًا عصيبة عاشتها القيادة اللبنانية، كانت فيها البلاد على وشك الدخول في أتون نزاع إقليمي لا ناقة لها فيه ولا جمل.

بين الحرب والسلام... خيط دقيق نسجه لبنان بخيوط السياسة الهادئة

لبنان، الذي يعرف تمامًا أن شظايا الحروب لا تفرّق بين من أشعلها ومن سقط ضحيتها، اختار أن يكون خارج دوائر التصعيد. رئيس الحكومة تحرك بهدوء، خاطب العواصم الصديقة، نسّق مع الشركاء العرب، وطرق أبوابًا تُفتح فقط حين يكون صوت العقل أعلى من ضجيج البنادق.

في زيارته الأخيرة إلى قطر، لم يكن نواف سلام مجرد ضيف على الدولة الخليجية. كان مفاوضًا باسم وطن محاصر بالانهيار الاقتصادي من جهة، وبالانفجار الإقليمي من جهة أخرى. وكان جوهر الزيارة أكبر من بيانات البروتوكول.

ملف الطاقة... باب إنقاذ لا مخرج أزمة

وفق معلومات خاصة، فإن الملف الأكثر حساسية الذي طُرح في الاجتماعات الموسّعة مع القيادة القطرية كان ملف الكهرباء. والأهم، أن وجود وزير الطاقة جو صدي لم يكن رمزيًا، بل محورًا في مناقشات تقنية وعملية تهدف إلى تأمين شريان حياة للبنان الغارق في العتمة.

وللمرة الأولى منذ سنوات، يُطرح ملف الكهرباء ليس كحصة سياسية، بل كأولوية وطنية. وهنا، تبرز ملامح تفاهم لبناني-قطري قد يفتح الأفق أمام استثمارات مباشرة في قطاع الطاقة، وسط انهيار البنية التحتية وتآكل قدرة الدولة على التمويل.

عودة اللاجئين... الملف الشائك على طاولة العقلاء

لم تغب أزمة اللاجئين السوريين عن طاولة المحادثات. بعيدًا عن الخطاب الشعبوي، بُحثت حلول عملية تضمن عودة كريمة وآمنة للاجئين إلى ديارهم، بدعم قطري صريح، وبشراكة محتملة مع السلطات السورية.

الملف الذي طالما استخدم كأداة للصراع الداخلي، يتحوّل اليوم إلى ملف سيادي إنساني، يُدار بعقلانية لا بتهديدات شعبوية.

السيادة... ليست شعارًا بل خارطة طريق

الموقف اللبناني من الاعتداءات الإسرائيلية تكرّس مجددًا من على منبر الدوحة:

لا استقرار بلا انسحاب كامل من الأراضي اللبنانية المحتلة.

لا سلم من دون كبح آلة العدوان.

ولا سيادة من دون أن تبسط الدولة سلطتها على كامل ترابها.

الرئيس سلام طالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، ودعا إلى وقف "اللامبالاة المزمنة" تجاه الخروقات الإسرائيلية المتكررة، مشددًا على أن صمت العالم هو مشاركة غير مباشرة في استمرار الانتهاكات.

شكرًا من القلب... لأن ما حدث لم يكن عاديًا

ما جرى في الدوحة لم يكن زيارة بروتوكولية.

ما حدث كان عملية دبلوماسية معقّدة، هادئة، لكنها فعالة.

لبنان كان على بُعد خطوة واحدة من الاشتعال. واليوم، هو على عتبة صفحة جديدة، قد تكون بداية نهضة... إن قرر الداخل أن يرتقي إلى مستوى اللحظة.

شكرًا فخامة رئيس الجمهورية على الغطاء السياسي.

شكرًا دولة الرئيس نواف سلام على الأداء الهادئ والنتائج الكبيرة.

وشكرًا لقطر... لأنها حين تدعم، تفعل ذلك بصمت ونبل.