الرئيس الصيني يشيد بعلاقات بلاده مع فرنسا
قال الرئيس الصيني شي جينبينغ اليوم الأحد إن العلاقات بين الصين وفرنسا هي نموذج للتعايش السلمي والتعاون بين دول تختلف في أنظمتها السياسية وذلك لدى وصوله إلى فرنسا في زيارة بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الثنائية، .
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن شي قوله خلال زيارته الأولى إلى أوروبا منذ خمس سنوات إن تطوير العلاقات بين البلدين يسهم في تحقيق "الاستقرار والطاقة الإيجابية في عالم مضطرب".
وخلال زيارة الرئيس الصيني، يعتزم نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الدعوة إلى "المعاملة بالمثل" في حقل التجارة والبحث عن حل للحرب في أوكرانيا فيما يواصل الرئيس الصيني إظهار دعمه لروسيا.
وفي زيارته الأولى الى أوروبا منذ العام 2019، اختار شي جينبينغ اعتماد التوازن الديبلوماسي في محطاته: فبعد زيارة الدولة الى فرنسا التي تدعوه منذ زهاء عام الى "حمل روسيا على تحكيم العقل" بشأن الحرب في أوكرانيا، يتوجه الرئيس الصيني الى صربيا والمجر القريبتين من موسكو.
ويعقد شي جينبينغ الإثنين سلسلة اجتماعات مع ماكرون الذي استبق زيارته بمشاورات مع المستشار الألماني أولاف شولتس.
وصباح الإثنين، تنضم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى الرئيسين في قصر الإليزيه في جلسة يتوقع أن تثار خلالها النزاعات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وفي ظل المخاوف الاوروبية من التراجع اقتصاديا في ظل التنافس بين القوتين الأوليين في العالم، أي الولايات المتحدة والصين، فتحت بروكسل خلال الأشهر الماضية سلسلة تحقيقات بشأن حزم الدعم التي تقدمها الحكومة الصينية لبعض القطاعات الصناعية خصوصا السيارات الكهربائية.
ويخشى الأوروبيون والأميركيون من أن هذا الدعم الحكومي يقوّض المنافسة وقد يلحق ضررا بالاقتصاد العالمي.
"هدنة أولمبية"
وفي مقابلة مع صحيفة "لا تريبون" نشرت الأحد، أقر ماكرون بعدم وجود "إجماع" لدى الأوروبيين بشأن الاستراتيجية الواجب اتباعها، لأن "بعض الأطراف لا يزالون يرون الصين كسوق للبيع"، في حين أنها "تقوم بالتصدير بشكل هائل نحو أوروبا".
وحضّ على "حماية أفضل لأمننا القومي"، والتمتع "بواقعية أكبر بكثير في دفاعنا عن مصالحنا"، و"نيل المعاملة بالمثل" في التبادلات مع الصين.
وتتهم بكين أوروبا بـ"الحمائية" وتعتزم جعل موقفها واضحا في باريس.
وفتحت الصين بدورها تحقيقا بشأن الدعم الحكومي لبعض المنتجات مثل مشروب الكونياك الفرنسي، وهو ما يتوقع أن يثير ماكرون تحفظات بشأنه.
وفي حين لم يتم الكشف بعد عن توقيع أي عقد كبير، ستتواصل النقاشات بشأن الاستثمارات حتى النهاية. ومن المقرر أن يعقد منتدى اقتصادي صيني-فرنسي الإثنين في مسرح مارينيي.
بعد الظهر، يُنظم حفل استقبال رسمي للرئيس الصيني بحفاوة بالغة في قصر ليزانفاليد. وقبل مأدبة في الإليزيه، يلتقي ماكرون وشي على انفراد في اجتماع طابعه سياسي، ثم يتحدثان أمام الصحافة.
ويعتزم الرئيس الفرنسي أن يطلب من الصينيين دعم "هدنة أولمبية" لتعليق "كل" النزاعات خلال دورة ألعاب باريس هذا الصيف.
وترغب باريس على الأقل في ضمان ألا تمضي الصين، الحليف الأبرز للرئيس الصيني فلاديمير بوتين، بعيدا في تقديم دعم صريح له في حرب أوكرانيا.
وتؤكد الصين رسميا أنها على الحياد في حرب أوكرانيا، الا أنها تعرضت لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها الغزو الروسي. كما شهدت العلاقات بين موسكو وبكين تقاربا منذ اندلاع النزاع في شباط (فبراير) 2022.
ويؤكد الاليزيه أن ما تريده فرنسا هو "تشجيع (الصين) على استخدام" نفوذها لدى روسيا "للمساهمة في حلّ للنزاع".
كسر البروتوكول
وكان ماكرون نقل الرسالة نفسها قبل عام خلال زيارة الدولة التي قام بها الى الصين، وحقق نتائج متواضعة.
ويرى الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية مارك جوليين ان "هذه المقاربة تعكس نقصا في فهم المصالح الاستراتيجية" للصين الراغبة في "البقاء بمنأى عن النزاع" وتسعى "لعدم الانخراط فيه بشكل أكبر، لا لجهة الأوروبيين، ولا لجهة توفير دعم عسكري لروسيا".
على رغم ذلك، سيحاول ماكرون تكرار هذا الموقف خلال محطة في جبيال البيرينيه الثلثاء، ستكون شخصية أكثر اذ يترافق فيها الرئيسان مع زوجتيهما. وتهدف هذه المأدبة في ممر تورماليه الجبلي حيث كان ماكرون يمضي إجازاته طفلا لدى جدته، الى كسر البروتوكول الدبلوماسي وخوض نقاش صريح ومباشر خصوصا بشأن أوكرانيا.
أما بشأن قضايا حقوق الانسان في الصين، فأكد ماكرون أنه يؤثر إثارة "التباينات... خلف الأبواب الموصدة". ولا تصرّ باريس على منح مسألة تايوان أولوية، على رغم ما تشكّله من نقطة خلاف أساسية بين بكين وواشنطن.
ومن الأربعاء إلى الجمعة، يسافر شي جينبينغ إلى صربيا والمجر.
وتقول فاليري نيكيه مديرة آسيا في مؤسسة البحوث الاستراتيجية، ومقرها في فرنسا، أن الهدف من زيارة شي "هو إبراز تحالف للأنظمة الاستبدادية في مواجهة العالم الغربي"، و"إظهار أنه لا يزال لديه حلفاء في أوروبا".
ماكرون سيبحث التجارة وأزمة أوكرانيا مع نظيره الصيني
من المتوقع أن يحث الرئيس الفرنسي نظيره الصيني على تقليص أوجه الخلل التجاري بين البلدين واستخدام نفوذه على روسيا في ما يتعلق بالحرب على أوكرانيا.
ومن غير المرجح أن يتحقق ما يأمل فيه ماكرون بسهولة في وقت تتزايد فيه الخلافات التجارية بين أوروبا والصين.
وقال مسؤولون إن فرنسا ستسعى أيضا إلى إحراز تقدم بشأن فتح الأسواق الصينية أمام صادراتها الزراعية وحل القضايا المتعلقة بمخاوف صناعة مستحضرات التجميل الفرنسية بشأن حقوق الملكية الفكرية.
وقال مصدر دبيلوماسي فرنسي: "إذا كان الصينيون يسعون إلى تعميق العلاقات مع الشركاء الأوروبيين، فمن المهم حقا أن يستمعوا إلى وجهة نظرنا ويبدأوا في أخذها على محمل الجد