الجيش التركي يشيّد معسكراً جديداً على قمة جبل كيستة شمالي العراق

الجيش التركي يشيّد معسكراً جديداً على قمة جبل كيستة شمالي العراق

كشف مسؤول عراقي كردي وشهود عيان في محافظة دهوك الحدودية مع تركيا، ضمن إقليم كردستان شمالي العراق، أن الجيش التركي بدأ منذ أيام بإنشاء معسكر جديد له على قمة جبل كيستة، الواقع داخل العمق العراقي بنحو 10 كيلومترات عن الحدود العراقية التركية، بعد نجاح عملية عسكرية له الشهر الماضي في طرد مسلحي حزب العمال الكردستاني من الجبل والقرى المجاورة له.

ومنذ منتصف عام 2021، تستهدف العمليات العسكرية التركية البرية والجوية مقرات ومسلحي حزب العمال الكردستاني في الشمال العراقي، وتحديداً مناطق ضمن إقليم كردستان، وتقع غالبيتها بمحاذاة الحدود مع تركيا، حيث يتخذ الحزب منها منطلقاً لشن اعتداءات مسلحة في الداخل التركي. وأدت عمليات القوات التركية خلال الفترة الماضية إلى مقتل المئات من مسلحي حزب العمال، وتدمير مقرات ومخازن سلاح ضخمة تابعة للحزب، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع التركية، كما أسهمت في انحسار واضح للمساحة التي كان الحزب ينتشر فيها على الحدود بين البلدين.

واليوم الجمعة، أوضح مسؤول عراقي كردي في محافظة دهوك لـ"العربي الجديد"، أن الجيش التركي بدأ بتشييد معسكر له على قمة جبل كيستة، التابع لقضاء العمادية شرقي محافظة دهوك، بعد معارك وسلسلة عمليات قصف بدأها في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وانتهت بالسيطرة على الجبل وسفحه. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "الخطوة التركية بإنشاء معسكر جديد داخل الأراضي العراقي، يُفهم منها أنها ضمن خطة تركيا في إنشاء المنطقة الآمنة أو العازلة لمنع تسلّل مسلّحي حزب العمال الى داخل تركيا"، معتبراً أن المعسكر في حال اكتماله سيكون الرابع الذي يقوم الأتراك بإنشائه منذ مطلع العام الماضي.

هذه المعلومات أكدها الخبير بالشأن الأمني الكردي والناشط في مدينة دهوك، علي رحماني، الذي أشار إلى أن السيطرة على قمة الجبل تجعل من مناطق واسعة في محافظة دهوك تحت رصد الجيش التركي. وأضاف رحماني، لـ"العربي الجديد"، أن "الجيش التركي أوقع مسلحي حزب العمال في عملية استنزاف مستمرة، من خلال القصف الجوي أو العمليات البرية داخل العمق العراقي، وقد يكون هذا الأمر بديلاً عن عمليات ضخمة كما كانت تحدث بالسابق من قبل الجيش التركي، تكون تكلفتها عالية عسكرياً وبشرياً وحتى سياسياً، بالنسبة لرد الفعل العراقي". واعتبر أن الحزب خسر منذ مطلع العام الحالي، أكثر من 30 موقعاً مهماً، متراجعاً عن المنطقة الحدودية التي كان ينشط بها، بفعل العمليات التركية".

إلى ذلك، اعتبر الناشط السياسي الكردي في دهوك شيركو جمجمالي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن سيطرة الجيش التركي على جبل كيستة، يُعتبر تحولاً نوعياً في مجرى الصراع بالمنطقة الحدودية العراقية التركية، ويصبّ في مصلحة الأخيرة. وأضاف جمجمالي، في اتصال هاتفي، أن منطقة جبل كيستة تطل على أكثر من 50 قرية ضمن مناطق كاني ماسي، وبامرني، وباطوفا، وهذه منطقة طالما مثلت نقطة ارتكاز لمسلحي حزب العمال الكردستاني الذي يبدو أنه ليس بأفضل أحواله حالياً"، مشيراً إلى أنه من الجانب الآخر، فقد تؤدي تلك التطورات إلى عملية نزوح جديدة لعدد من سكان القرى القريبة.

في السياق ذاته، نقلت وكالة "شفق نيوز"، العراقية، في تقرير لها أمس الخميس، عن سكان محليين قولهم إن الجيش التركي يقوم ببناء قاعدة عسكرية جديدة في منطقة تل ردي، المطلة على قرية كيستة. وقال أحد الشهود للوكالة، إن "الآليات العسكرية التركية تعمل ليل نهار في هذا الموقع منذ أسبوعين وتهبط الطائرات الهليكوبتر بين الحين والآخر". وأضاف أن "أهالي القرية لا يتمكنون من مغادرتها ولا يستطيعون تربية مواشيهم أو الاعتناء بمزارعهم بسبب وجود الجيش التركي في نقاط قريبة من القرية"، وفقاً لإفادة الشاهد.

وبحسب تقرير سابق نشرته محطة تلفزيون "رووداو" الكردية المقربة من الحكومة في إقليم كردستان العراق بأربيل، فإن القوات التركية لديها 36 نقطة عسكرية ثابتة داخل حدود إقليم كردستان العراق، ضمن عمليات مكافحة أنشطة حزب العمال الذي يتخذ من الأراضي العراقية منطلقاً لتنفيذ اعتداءات مسلحة وتفجيرات داخل تركيا. وفي الثاني والعشرين من الشهر الماضي، وقّع كل من بغداد وأنقرة على حزمة اتفاقيات أمنية واقتصادية ضخمة، خلال زيارة أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد، وسبقت الزيارة إعلان العراق حزب العمال الكردستاني منظمة محظورة، وهو ما رحبت به أنقرة واعتبرته تطوراً مهماً في مكافحة المنظمة التي يصنفها القانون التركي منظمة إرهابية.