قانون التقاعد والحماية الاجتماعية: مطبات عِدَّة في مسار الألف ميل
نصَّ نظام التقاعد الصادر بموجب قانون تعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، القانون رقم 319 الصادر بتاريخ 22-12-2023 والذي تم نشره في الجريدة الرسمية العدد 53 الصادرة بتاريخ 28-12-2023 بشكل واضح على أحكام تتضمن مهلاً زمنية للحكومة لإصدار عدد من المراسيم التطبيقية، اللازمة لوضع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية موضع التتفيذ، ورغم أنَّ هذه المراسيم لا تحتمل التأخير، فإنها لم تُبصِر النور بعد.
يقول رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر في حديث إنَّه كان من المُفترض وفي غضون ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون، وبناء على اقتراح وزير العمل تحديد بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، الهيئات الأكثر تمثيلاً، وشروط وكيفية انتخاب المندوبين ممثلي هذه الهيئات، العاديين والخبراء، على أن يراعى في ذلك أوسع تمثيل ممكن للقطاعات القائمة، وعلى الرغم من انتهاء المهلة بتاريخ 28 آذار 2024 إلَّا أنَّه لغاية اليوم لم يصدر أي شيء لغاية الآن.
ويُعتبر هذا المرسوم أساساً لتعيين مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي كان من المُفترض أن يتم في غضون 6 أشهر من نشر القانون، لكن دون تعيين الهيئات الأكثر تمثيلاً فمن الاستحالة السير بذلك، حيث ستتشكل الهيئة الجديدة من ممثلين عن الهيئات الاقتصادية "4 أعضاء"، الاتحاد العمالي العام "4 أعضاء" والمؤسسة الحكومية "2 أعضاء".
مصادر مُطلعة قالت إنَّ الهيئات الاقتصادية تقف خلف عرقلة الأمور، فهي لغاية الآن لم تتفق على أعضائها الـ 4 وسط خلافات حادة بين قطاعاتها، حيث يسعى كل قطاع للاستحواذ على التمثيل الأكبر بذريعة عدد المُسجلين لديه في مؤسسة الضمان الاجتماعي.
لكنَّ الأخطر من ذلك هو ما كشفه المصدر حول مساعي هذه الهيئات لتعديل هذا القانون لجهة تحديد التعويضات وبالتالي قيمة التقاعد، بعد أن ألزمها الضمان بالتصريح الكامل عن الرواتب والأجور الذي يتقاضاها المضمون، وهنا يُطرح السؤال هل الخلاف حول تعيين الأعضاء مقصود بغية مقايضة ما بين تعديل القانون كما تريد الهيئات الاقتصادية وسيرها بإقرار المرسوم التطبيقي؟.
ويؤكد الأسمر أنَّ اجتماعاً عُقِدَ مع رئيس حكومة تصريف الأعمال بهذا الخصوص وأنَّه تصدَّى لهذه المحاولات، وشدَّد على أنَّه لن يقبل بذلك حفاظاً على مكتسبات المضمونين، وأكَّد أنَّه من غير المسموح التراجع خطوة إلى الخلف ضمن هذا الإطار.
انتظر عمال لبنان إقرار هذا القانون لعقود من الزمن علَّه يؤمن لهم حياة كريمة تتجلَّى براتب تقاعدي في خريف العمر، عوضاً عن تعويض لا يسمن ولا يغني من جوع، فهل سيسلك القانون طريقه نحو التنفيذ أم يبقى كغيره من مئات القوانين حبيسة أدراج المناكفات والتعطيل؟!.