الجهل المقدس صناعة إيرانية

بقلم الكاتبة العراقية رغد عبد الرضا الجابري

الجهل المقدس صناعة إيرانية

بما أن العراقيين كانوا هم القوة الضاربة في المنطقة، فقد عملت إيران على تحويل حياتهم إلى أحزان ومآتم طوال أيام السنة، فما إن ينتهوا من مأتم قتل الشهيد الحسين حتى تبدأ أربعينية الحسين، وما إن يتم الانتهاء منها حتى يبدأ مأتم الزهراء، ثم مأتم العباس، يليه مأتم زينب، ثم مأتم الكاظم، ثم الشعبانية، ثم السجّاد، ثم مأتم الموسوي، وهكذا طوال أيام السنة.

وبينما يظل العراقيون طوال أيام السنة يهرولون من النجف إلى كربلاء إلى سامراء، حيث السرداب، ومن قبر إلى قبر، ومن مأتم إلى آخر، نجد إيران في هذه السنوات تفرغت لبناء جيش قوي وتفرغت للتصنيع والتسليح العسكري على وجه الخصوص، والاختراعات والابتكارات، حتى أحرزت تقدماً كبيراً في طريقها إلى إنتاج السلاح النووي.

إنه الدهاء الفارسي الذي جعل معمميه في العراق يحولون حياة العراقيين إلى هذا الحال المخزي، حتى أنهم أقنعوا شيعة العراق بأن غسله وتدليكها أقدام الزوار الإيرانيين وهم في طريقهم لقبر الحسين يعتبر عملاً يقربهم إلى الجنة مهما فعلوا بعدها.

لقد قضوا على الجيش العراقي العملاق السابق بالتعاون مع حلفائهم الأمريكان، ذلك الجيش الذي صمد أمام إيران ثماني سنوات حتى انتصر في النهاية، قضوا عليه وأسسوا بدلاً عنه جيشاً آخر، القسم الأول منه يحمي زوار الحسين وبقية الأماكن، والقسم الآخر ينتشر في الطرقات، ومن كافة الرتب العسكرية حاملين على رؤوسهم الأواني الممتلئة باللحم والرز للقادمين من إيران وغيرها لزيارة قبر الحسين وبقية الطقوس التي ابتكرها الآيات.

هذه هي حال العراق الذي أعلنت منظمة اليونسكو في نهاية الثمانينيات أن العراق هو أول دولة في منطقة الشرق الأوسط استطاعت القضاء على الأمية.

هل السقوط الفكري للأمم أبشع وأشد وأخطر من الانهزام العسكري، وما يجري من تجهيل للشعوب العربية ما هو إلا مخطط صهيوني بالأساس، وما النظام الإيراني إلا أداة له، ليس إلا، ولهذا أُتي به.