حكومة العهد الجديد: انقلاب سياسي أم صفقة محاصصة أخيرة؟
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم
تقترب ولادة الحكومة في لبنان من خواتيمها. ومع دخول الساعات الحاسمة، بدأت ملامح الحقائب تتبلور وسط تسريبات ومشاورات مكثفة. الرئيس المكلّف نواف سلام وضع حجر الأساس لحكومة تمثل نقلة نوعية في نهج العمل السياسي، متسلحاً برؤية واضحة وأسماء قد تحدث انقلاباً إيجابياً في معادلة الحكم.
سلام، الذي يدرك حساسية المرحلة، بدأ مشاوراته مع الكتل والأحزاب، بالإضافة إلى الشخصيات التغييرية والمستقلة. هدفه واضح: تشكيل حكومة مصغّرة من 24 وزيراً، يكون لكل واحد منهم بصمة واضحة بعيداً عن المحاصصة التقليدية. وفي الساعات المقبلة، سيعرض مسودته الأولى على رئيس الجمهورية، بعد استكمال مشاوراته التي جرت بعيداً عن أضواء الإعلام.
وفق التسريبات، ستتوزع الحقائب السيادية على الشكل التالي: وزارة الدفاع من حصة رئيس الجمهورية، وسط تداول اسم عميد متقاعد ذي سمعة مهنية مرموقة. أما وزارة المالية فتبقى لـ"أمل"، مع تصاعد الحديث عن اختيار وسيم منصوري أو ياسين جابر. وزارة الخارجية ستذهب إلى شخصية يُرجّح أن تكون دبلوماسية مخضرمة، فيما تسند وزارة الداخلية إلى شخصية سنية بارزة، سواء قانونية أو عسكرية.
وفيما يتعلق بحزب الله، فهو يسعى لتولي وزارة الصحة، ويدفع بأسماء طبية قريبة منه. أما حقيبة الطاقة، فهناك حديث عن احتمال منحها إلى شخصية من "القوات اللبنانية"، رغم تحفظ القوات واحتفاظها بخيارات أخرى تراها مناسبة.
الرئيس المكلّف يبدو مصمماً على تشكيل حكومة من أصحاب الاختصاص غير الحزبيين، وقد حسم مبدأ فصل النيابة عن الوزارة. هذه الخطوة تهدف إلى استبعاد أي تضارب مصالح، وضمان تركيز الوزراء على تنفيذ برنامج الحكومة دون انشغال باستحقاقات انتخابية.
ومع ذلك، فإن الكتل السياسية تسعى إلى تحقيق توازن بين الحزبيين وأصحاب الاختصاص، لتطعيم الحكومة بكفاءات قادرة على مواجهة التحديات الهائلة التي تنتظرها.
"حزب الله" يبدو مصمماً على المشاركة في الحكومة، بعد مناقشات داخلية عميقة انتهت بترجيح كفة الدخول. هذا القرار يعكس إدراك الحزب أهمية الحضور على طاولة مجلس الوزراء في ظل الملفات الأمنية والاقتصادية المتراكمة، التي تتطلب مشاركة فعلية في صياغة القرار السياسي والاقتصادي.
النائب محمد رعد دخل على خط التفاوض، في إشارة واضحة إلى جدية الحزب في ضمان تمثيل مصالحه ومصالح جمهوره في الحكومة الجديدة.
الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ملامح هذه الحكومة. لكن الأكيد أن ولادتها لن تكون مجرد تغيير في الأسماء، بل قد تكون بداية مسار جديد في إدارة الحكم، حيث الكفاءة والشفافية هما العنوان الأبرز.