إيران في لبنان: لعبة النفوذ والاستغلال بلا نهاية
بقلم عبد الحميد عجم
تتزايد التساؤلات حول أهداف إيران في لبنان، ويبدو جليًا أن الجمهورية الإسلامية تستخدم البلد كأداة لتحقيق مكاسبها الخاصة، دون أدنى اعتبار لسيادته أو مصلحة شعبه. وافقت إيران على ترسيم الحدود البحرية مقابل الإفراج عن مليارات الدولارات المجمدة في البنوك الغربية، وتسعى لاستغلال عدم رد "حزب الله" على التصعيد في المنطقة كورقة تفاوضية مع الولايات المتحدة، غير مبالية بالدمار الذي يسببه على أرض لبنان وشعبه جراء القنابل الفسفورية.
السياسة الإيرانية لم تتغير حتى مع رحيل الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، الذي يزور لبنان بشكل مفاجئ لعقد اجتماعات متعددة، وكأن إيران تتصرف كالحاكم الفعلي للبنان، متجاهلةً تمامًا سيادته واستقلاله. لم يصب أي مسؤول لبناني بالكورونا أثناء زيارات عبد اللهيان، مما يثير الشكوك حول مدى تبعية المسؤولين اللبنانيين لإيران.
استمر التحدي الإيراني مع وزير الخارجية بالوكالة علي باقري كني، الذي قام بأول زيارة له إلى لبنان قبل اختيار المرشحين لرئاسة الجمهورية، ليبلغ اللبنانيين بوضوح أن إيران هي المتحكم الفعلي في مصيرهم. بقرار إيراني وإسرائيلي، يبقى لبنان ساحة استنزاف، مع الحفاظ على عدم التصعيد المطلوب من الطرفين، مما يرسخ الهيمنة الإيرانية.
حتى الرد الإيراني على اعتداء إسرائيل على السفارة في دمشق كان مجرد ذر للرماد في العيون، حيث لم يسقط ضحايا إسرائيليون ولم تُدمّر منشآت. وفي هذه الأثناء، تحتفل الأذرع الإيرانية بأوهام الانتصار وصواريخه، بينما تسعى طهران للحصول على مكافأة من الولايات المتحدة لإخماد قضية القنصلية بأقل الأضرار على إسرائيل.
رغم دعم إيران لمحور الممانعة وتبنيها حركة "حماس"، لم تهدد طهران بالانتقام لآلاف القتلى من أبناء غزة، بينما سارعت للتهديد بضرب إسرائيل انتقاماً لمقتل المستشار العسكري سعيد آبيار في ريف حلب الشمالي. هذه الازدواجية تفضح نوايا إيران الحقيقية، التي لا تهتم بحياة الشعوب بل بفرض سيطرتها ونفوذها بأي ثمن.
منذ تأسيسها، تعتمد الجمهورية الإسلامية على سياسة التقية والمكيافيلية السياسية. تدعم الحوثيين لإغلاق ممرات السفن، وتنشئ "حزب الله" لبسط نفوذها في لبنان وسوريا. حتى "فيلق القدس" لم يسعَ لتحرير القدس بقدر ما عمل على توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة. هذه السياسات لم تجلب سوى المعاناة والدمار للشعوب.
مهما كان الرئيس القادم للجمهورية الإسلامية، فإن سلوك النظام القمعي في الداخل والخارج لن يتغير، وسيظل ملزمًا بقيود القيادة والنظام الذي يبدو غير قابل للإصلاح. سنشهد تصاعد الأعمال العسكرية والتسليح بالوكالة عندما ينقلبون على إيران من الداخل.
بهذا، تواصل إيران استغلال لبنان وشعبه بوحشية لتحقيق أجنداتها السياسية، غير مبالية بالسيادة اللبنانية أو حقوق الإنسان. إنها سياسة قمعية واستبدادية تتطلب مواجهة حاسمة من المجتمع الدولي لإنهاء هذا الاستغلال غير المبرر للبنان وشعبه.