السلاح مقابل الإعمار: لماذا الدول الغربية والخليجية على حق؟

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

السلاح مقابل الإعمار: لماذا الدول الغربية والخليجية على حق؟

لم يعد في الأمر أي التباس: المجتمع الدولي ودول الخليج قرروا بوضوح أن لا دولار يُضَخّ، ولا مشروع يُنفّذ، ولا إعمار يبدأ… إلا بعد نزع سلاح حزب الله. فهل هذا تعنّت خارجي أم موقف منطقي ومحقّ؟ وهل يملك لبنان ترف الرفض فيما اقتصاده يحتضر، وشعبه ينزف، ودولته تنهار؟

 

منذ سنوات، يعيش لبنان في ظل معادلة شاذة: دولة دستورية على الورق، وسلاح خارج القرار على الأرض. أي إصلاح يُرجى، وأي نهوض يُبنى، وأي دعم يُطلب، إذا كانت مؤسسات الدولة مغلولة اليد، والسيادة مُجتزأة، والقرارات المصيرية تُصنع في غرفٍ حزبية مغلقة؟

 

الغرب والخليج لا يطلبان شيئًا عبثيًا. بل يطالبان بشيء أساسي: أن تكون الدولة هي صاحبة السلاح والكلمة والقرار. وهذا هو أبسط تعريف للدولة في أي بلد طبيعي.

 

من الطبيعي أن ترفض باريس وواشنطن والرياض وأبو ظبي أن تضخّ المليارات في بلدٍ لا يملك قرار أمنه ولا مصيره. كيف يُعاد الإعمار في وطنٍ قد يُجرّ غدًا إلى حرب جديدة من دون قرار رسمي؟ كيف تُبنى مشاريع على أرضٍ قد تتحوّل إلى جبهة اشتباك بقرار غير حكومي؟

 

المانحون يريدون ضمانة واحدة: أن لبنان لن يعود ساحةً لصراعات إقليمية، ولن يكون منصة صواريخ لدول أخرى. فهل هذا طلب تعجيزي… أم بديهي؟

 

لبنان اليوم لا يملك أوراق تفاوض، ولا حتى ما يكفي من الحياد. من يطلب الدعم لا يمكنه التمسك بسلاح خارج عن الدولة، ولا أن يقدم صورة مزدوجة للعالم: دولة تتسوّل المساعدة صباحًا، وتغض الطرف عن فائض القوة المسلح ليلًا.

 

الدول المانحة لا تعاقب لبنان، بل تضعه أمام مسؤوليته الوطنية:

اختاروا: إما دولة محترمة بجيش واحد وسلاح شرعي... أو لا ثقة، لا إعمار، لا استقرار.

 

يريد البعض الحفاظ على سلاح خارج الدولة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الدعم الخارجي، والمساعدات، والعلاقات الدولية… هذا مستحيل.

 

لا يمكنك أن تكون مقاومًا وممولًا غربيًا في آنٍ واحد.

لا يمكنك أن ترفع راية السيادة... وتدير الحرب من دون قرار سيادي.

 

ما تطلبه العواصم العربية والغربية هو لصالح لبنان، لا ضدّه.

نزع السلاح شرط لإعادة الإعمار؟ نعم، وبحق.

الدولة القوية لا تقوم بوجود قوتين، وجيشين، ولسانين.

 

لبنان اليوم أمام خيارين:

 

دولة شرعية واحدة... أو لا دولة.

 

سلاح شرعي واحد... أو لا إعمار.