طرابلس بين الغياب والخذلان: مدينة دفعت الثمن وحدها

هئية التحريري خاص مراسل نيوز

طرابلس بين الغياب والخذلان: مدينة دفعت الثمن وحدها

أربع سنوات من التمثيل بلا حضور… والمدينة تُحضّر لزلزال انتخابي في 2026.

طرابلس، المدينة التي حملت على كتفيها أوجاع الشمال، تتحدّث اليوم بلغة لم يعد فيها مجال للمجاملة.

في شوارعها القديمة التي تعيش النقيض بين العراقة والبؤس، تتردّد عبارة واحدة:

من يمثلنا لا يرَنا، ومن يسمعنا لا يأتينا."

لقد صدّقت طرابلس، يومًا، وعودًا كثيرة. لكن ما بين صندوق الاقتراع ومقاعد البرلمان، ضاعت المدينة مجددًا.

منذ أربع سنوات، يعيش الطرابلسيون تجربة التمثيل الرمزي لا الفعلي. نائبٌ وُصف بأنه ممثّل المدينة لم يظهر في الميدان، ولم يُسمع له صوتٌ في معارك الناس اليومية.

لم تُقدَّم مشاريع، لم تُطرح حلول، ولم تُسجّل مواقف حقيقية حين كانت المدينة بأمسّ الحاجة إلى من يقف إلى جانبها.

فهل يُعقل أن يبقى نائبٌ مجهول الملامح في مدينةٍ لا تنام؟

في كل موسم انتخابي، تتزيّن الجدران باللافتات، تُطلق الخطابات النارية، وتُستعاد لغة “الاهتمام بالشمال”.

لكن بعد الانتخابات، تخفت الأضواء ويختفي الحضور.

من يرفع شعار "الدولة القوية" غاب عن أضعف حلقاتها، ومن يتحدث عن “الدفاع عن الناس” لم يزرهم إلا في موسم الأصوات.

إنها سياسة موسمية لم تعد تمرّ على الناس.

القيادات التي تُفاخر بخطاباتها من بعيد تتحمّل مسؤولية الغياب.

السياسة ليست منابر فقط، بل ميدان عمل يومي.

طرابلس لا تحتاج من يذكّرها بتاريخ حزبه أو خطه السياسي، بل من يمدّ لها يدًا في حاضرها.

حين يتجاهل المركز وجع الأطراف، تصبح الزعامة عبئًا، لا حماية.

اليوم، طرابلس ليست كما كانت.

لم تعد مدينة “الولاء الأعمى” لأي حزب أو زعيم.

هي اليوم تزن المواقف لا الخطابات، وتحاسب من قصّر بالعمل لا من قصّر بالخطابة.

2026 تقترب، والمدينة تستعد لتكتب سطرًا جديدًا في تاريخها الانتخابي.

من غاب عنها لن يجدها عند الصندوق، ومن استهان بوجعها لن يسمع تصفيقها.

طرابلس لا تطلب معجزات، بل تطلب من يسمعها حين تتألّم.

المدينة التي صمدت في وجه الأزمات تستحق تمثيلًا يليق بها، لا حضورًا موسميًا ولا خطاباتٍ متكررة.

من لم يقف مع طرابلس في غيابها، لن تقف معه في حضوره.

طرابلس تتذكّر... ولا تُسامح بسهولة.

 "من يمثل طرابلس لا يزورها إلا في موسم الانتخابات، وكأن المدينة استوديو تصوير لا ساحة مسؤولية."

"الزعامة ليست خطاباتٍ في المقرّات، بل وجودٌ بين الناس حين ينهار كل شيء."