عزلةُ اسرائيل تصبّ في مصلحة نتنياهو!
يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نفسه “معزولا بشكل متزايد” على الساحة العالمية، وسط تحديات قانونية مختلفة وتوتر بالرأي العام العالمي، حسب تحليل لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
ومن المتوقع أن تعلن محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، قراراها بشأن طلب جنوب أفريقيا توجيه أمر لإسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة، بما في ذلك العملية العسكرية في رفح، الواقعة أقصى جنوبي القطاع.
وحسب الصحيفة، يتحدى المسؤولون الإسرائيليون القرار المحتمل، متعهدين بمواصلة الحرب، لكن “الضغوط القانونية تتصاعد”، حيث تدرس أيضا محكمة العدل الدولية دعوى رفعتها جنوب أفريقيا تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية، فيما يسعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف ضد مسؤولين.
وفي وقت سابق من الأسبوع، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أنه يسعى للحصول على مذكرات توقيف ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم تشمل “التجويع” و”القتل العمد” و”الإبادة و/أو القتل”.
كما طلب المدعي إصدار مذكرات توقيف بحق 3 قادة من حركة حماس.
تعلن محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، الجمعة قراراها بشأن طلب جنوب إفريقيا توجيه أمر لإسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة.
ووصف نتنياهو وعدد من المسؤولين الإسرائيليين هذه التطورات بأنها “فضيحة”، وفق “واشنطن بوست”، كما أعرب الرئيس الأميركي، جو بايدن، ومجموعة من المشرعين الأميركيين، عن رفضهم “المساواة” بين إسرائيل وحماس، في طلب المدعي العام للجنائية الدولية.
لكن وفق الصحيفة، كان التطور الأسرع هذا الأسبوع، هو إعلان إسبانيا وأيرلندا والنرويج الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية، “بغض النظر عما إن كانت إقامة دولة أمر يمكن تنفيذه على أرض الواقع”.
ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، قوله إن “السبب الرئيسي في أن دول أخرى في الغرب تدرك الحاجة إلى دعم مبدأ الدولتين بأية طريقة ممكنة، هو أن حكومة إسرائيل اليمينية، بقيادة نتنياهو، تعارض بشكل جوهري الحديث عن إقامة دولة فلسطينية”.
وحسب “واشنطن بوست”، فإن كل هذه التطورات “قد تعزز موقف نتنياهو”، إذ سخر رئيس الوزراء منذ فترة طويلة من النزعة المعادية لإسرائيل في الوكالات التابعة للأمم المتحدة، ويقول إن بلاده “ضحية لمعاداة السامية” العالمية.
ويؤكد هذا أيضا وفق الصحيفة، المتخصص في العلاقات الدولية بالجامعة الاسرائيلية في القدس، يوناتان فريمان، الذي يقول: “هذا حقا يعزز الرواية التي سمعناها منذ اليوم الأول لهذه الحرب، القائلة إنه في النهاية لا يمكننا الاعتماد إلا على أنفسنا”.
وأضاف، “أعتقد أن هذا يمكن أن يساعد الحكومة الإسرائيلية في تفسير ووصف ما تفعله في هذه الحرب”.
بعد إعلان كل من أيرلندا وإسبانيا والنرويج، الأربعاء، أنها ستعترف بدولة فلسطينية في 28 ايار، استدعت إسرائيل سفراء الدول الثلاث، بينما تساءلت وسائل إعلام حول الخطوة وتداعياتها على دول أوروبا الأخرى.
في المقابل، قال الكاتب الصحفي الإسرائيلي في صحيفة “هآرتس” آموس هاريل، إن الأمر لا يتعلق فقط “بتبديد التقدير الدولي الذي مُنح لإسرائيل بعد تعرضها لهجوم وحشي في 7 أكتوبر، حيث إن تطور الأحداث يوضح المكانة العالمية والمهارات الدبلوماسية لنتنياهو نفسه”.
وتابع، “الرجل الذي يدعي كونه رجل دولة، غير قادر على تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي حددها لهذه الحرب، مما يورط إسرائيل في المتاعب التي ستطارد الدولة ومواطنيها لسنوات عديدة، بما يتجاوز النتائج الطبيعية المباشرة للمذبحة التي ارتكبتها حماس”.
كما نقلت “واشنطن بوست”، عن المسؤول الدفاعي السابق في الولايات المتحدة، أندرو إكسوم، أنه “في الأشهر السبعة التي تلت هجمات 7 تشرين الاول المروعة، اتسعت الفجوة بين كيفية تعريف إسرائيل لاحتياجاتها الأمنية، وكيف يحدد العالم تلك الاحتياجات نفسها بشكل لم يسبق له مثيل”.
و”لهذا، تتطلع إدارة بايدن إلى أن تسلك إسرائيل الطريق المعقد الذي تحاول بناءه، من خلال اتفاق ثلاثي بين إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة”، والذي من شأنه أن يشهد تطبيع العلاقات، ضمن حزمة تتضمن حوافز دفاعية وأمنية كبيرة من واشنطن إلى الرياض، والتزام إسرائيل بإحياء عملية تؤدي إلى حل الدولتين، وهو الأمر الذي يبدو أن نتنياهو غير راغب في القيام به على الإطلاق.
أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، مساء امس الخميس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيلقي “قريبا” خطابا أمام الكونغرس بمجلسيه.
واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
كما خُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء على حماس”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 تشرين الاول، أسفرت عن مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع