سلاح حزب الله: ثلاثون عامًا من الدمار باسم المقاومة
بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم
منذ أكثر من ثلاثة عقود، فرض حزب الله نفسه كقوة سياسية وعسكرية في لبنان، متمسكًا بسلاح ادعى أنه للدفاع عن البلاد ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي. لكن، مع مرور الزمن، بات واضحًا أن هذا السلاح تجاوز مهمته المزعومة ليصبح أداة لتقويض الدولة اللبنانية وتعطيل مؤسساتها. اليوم، الشعب اللبناني يدفع ثمنًا باهظًا لوجود هذا السلاح غير الشرعي الذي يهدد أمن الوطن واستقراره.
السلاح غير الشرعي: من المقاومة إلى السيطرة
عندما انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000، كان من المفترض أن يسلم حزب الله سلاحه للدولة اللبنانية، كما تنص جميع القوانين الدولية والمحلية. لكن بدلاً من ذلك، استمر الحزب في تسليح نفسه وتوسيع نفوذه، مبررًا ذلك بالتحجج بمفهوم "المقاومة"، الذي تحول تدريجيًا إلى وسيلة للهيمنة على القرار السياسي والأمني في لبنان.
السلاح الذي كان يُسوَّق على أنه ملك الشعب اللبناني، أصبح أداة للسيطرة على مقدرات الدولة وقراراتها السيادية. هذا السلاح، الذي يتجاوز قدرات الجيش اللبناني نفسه، بات رمزًا للازدواجية الأمنية التي تمنع لبنان من النهوض كدولة مستقلة وقوية.
ثلاثون عامًا من الدمار: المحصلة
على مدى العقود الثلاثة الماضية، كان سلاح حزب الله سببًا رئيسيًا في الأزمات التي عصفت بلبنان، بدءًا من الحروب وصولاً إلى العزلة الدولية:
التدخل في سوريا: تورط حزب الله في الحرب السورية زاد من الانقسامات الداخلية اللبنانية، وجرّ البلاد إلى أزمات سياسية وأمنية، وأثقل كاهل الاقتصاد المنهك.
تقويض العلاقات الدولية: وجود السلاح غير الشرعي عزز عزلة لبنان عن محيطه العربي والدولي، ما أدى إلى فقدان الدعم المالي والسياسي في أكثر الأوقات حرجًا.
الجيش اللبناني: ضحية السلاح الموازي
يتحدث نواب حزب الله عن دعمهم للجيش اللبناني ودوره كصمام للسلم الأهلي. لكن هذا الدعم المزعوم يتناقض تمامًا مع الواقع. كيف يمكن للجيش أن يكون قويًا، وهو محروم من السيادة الكاملة على الأراضي اللبنانية؟
وجود ميليشيا مسلحة خارج إطار الدولة يضعف الجيش ويحد من قدرته على أداء دوره الطبيعي. إذا كان حزب الله جادًا في دعم الجيش، فإن الخطوة الأولى هي تسليم سلاحه، وإعادة القرار الأمني والعسكري للدولة اللبنانية.
سلاح حزب الله: عبء وليس ملكية
السلاح الذي يحتفظ به حزب الله ليس ملكًا له. إنه عبء ثقيل على كاهل الدولة اللبنانية، وقد أثبتت التجربة أنه لم يجلب سوى الخراب والانقسام. هذا السلاح لم يكن يومًا وسيلة لحماية لبنان، بل أداة لتحقيق أجندات خارجية تخدم مصالح إيران أكثر مما تخدم الشعب اللبناني.
الشعب اللبناني يعرف الحقيقة: سلاح حزب الله كان وما زال السبب الرئيسي في الانقسام الداخلي، والسبب في تدمير فرص الاستقرار والنهوض. هذا السلاح هو المشكلة، وليس الحل.
رسالة إلى حزب الله: كفى أعذارًا
إلى نواب حزب الله وقادته: انتهى زمن الشعارات والادعاء ات. الشعب اللبناني لم يعد يصدق أن هذا السلاح يحميه. لقد رأى بأم عينه كيف تسبب في الحروب، الدمار، والعزلة. إذا كنتم جادين في الحفاظ على لبنان، فعليكم اتخاذ القرار الوحيد الذي يمكن أن يعيد الثقة إلى الشعب اللبناني: تسليم السلاح إلى الدولة.
لبنان يستحق دولة موحدة وقوية، لا دويلات متناحرة. يستحق جيشًا واحدًا يحمل السلاح ويدافع عن حدوده، لا ميليشيات تملي قراراتها على الدولة. الوقت حان لإنهاء الحالة الشاذة التي يمثلها سلاح حزب الله، وبناء لبنان جديد قائم على سيادة القانون واحترام مؤسساته.
لبنان أولاً وأخيرًا الشعب اللبناني لم يعد يحتمل المزيد من التدهور والانهيار. الرسالة واضحة: السلاح يجب أن يكون في يد الدولة وحدها. هذا هو السبيل الوحيد لضمان أمن لبنان واستقراره. أي خيار آخر يعني استمرار الانهيار، واستمرار معاناة شعب أنهكته الأزمات والحروب. لبنان لن ينهض إلا بدولة قوية، وسلاح حزب الله ليس جزءًا من هذه الدولة.