حقيقة الموقف السعودي: لا دعم للبنان خارج مشروع الدولة
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

لم يعد النقاش ترفًا ولا التفاصيل ثانوية. لبنان اليوم عالق بين خطاب تضليلي يبرّر السلاح خارج الدولة، وبين حقيقة دامغة تقول: لا دولة، لا إصلاح، لا استقرار، بوجود ميليشيا تحتكر قرار الحرب والسلم. كل ما عدا ذلك هو بروباغندا يراد بها إضاعة البوصلة.
أحدث المقالات التي تسوّق لفكرة أن الخارج تخلى عن لبنان ليست إلا جزءًا من آلة حزب الله الدعائية. الهدف واحد:
إقناع اللبنانيين أن الدعم الدولي تبخر.
إظهار الحكومة كعاجزة تلهث وراء مؤتمرات فارغة.
الترويج لأن السلاح غير الشرعي قدر وطني لا يمكن تجاوزه.
لكن الوقائع تقول غير ذلك: واشنطن وباريس والرياض لم تتخلّ، بل وضعت شرطًا واضحًا وصارمًا: الشرعية مقابل الدعم، الميليشيا مقابل العزلة.
منذ الطائف، لم تبخل السعودية على لبنان:
موّلت الإعمار.
دعمت الجيش.
قادت مؤتمرات الدعم.
اليوم، موقفها ليس انسحابًا بل إعادة تعريف للعلاقة: لن تموّل مشروع دولة مرتهن لمشروع حزب الله. لن تضع أموالها في بلد يُستخدم منصة لإيران. الموقف واضح: إما لبنان الدولة، وإما لبنان الميليشيا — ولا مكان للاثنين معًا.
المعادلة الاستراتيجية لا تحتمل التلاعب:
وجود السلاح خارج الدولة = انهيار دائم، اقتصاد مشلول، وعزلة عربية ودولية.
حصرية السلاح بيد الجيش = فرصة للاستقرار، إعادة إعمار، ونهوض اقتصادي.
هذا ما أثبتته تجارب المنطقة، من العراق إلى اليمن. واللبنانيون يعرفون جيدًا أن «خفض التوتر» ليس سوى هدنة هشة، ما دام القرار السيادي مرتهنًا لبندقية خارج المؤسسات.
لبنان اليوم أمام خيار مصيري:
إما أن يختار طريق الدولة، بجيش واحد، حكومة مسؤولة، ودعم عربي–دولي واسع.
وإما أن يظل ساحة صراع، تُدار بالوكالة، ويدفع شعبه الثمن من أمنه واقتصاده ومستقبله.
الخارج ينتظر قرار الداخل. والسعودية ومعها المجتمع الدولي يفتحان الباب، لكن المفتاح بيد اللبنانيين أنفسهم.
الحقيقة أوضح من أي بروباغندا: لا مستقبل للبنان مع ازدواجية السلاح. من يروّج لبرودة الخارج أو لعجز الحكومة يمارس تضليلًا متعمدًا. الرهان الوحيد الواقعي هو على دولة تملك وحدها قرارها. وما عدا ذلك ليس سوى وصفة مضمونة لموت بطيء