سفاح طرابلس يسلم نفسه.. هروب من العدالة أم صفقة لإنقاذه؟!
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم
في مشهد مفاجئ يحمل في طياته أبعادًا سياسية وأمنية معقدة، سلّم وزير الداخلية السوري الأسبق محمد إبراهيم الشعار نفسه، اليوم (الثلاثاء)، إلى السلطات السورية، في خطوة تثير الكثير من التساؤلات حول الأسباب والدوافع الحقيقية وراء هذا القرار.
تداولت وسائل الإعلام مقطع فيديو يُظهر محمد الشعار داخل سيارة تابعة للقوات الأمنية السورية، حيث بدا هادئًا ومتماسكًا، ونفى خلال التسجيل المصور تورطه في عمليات التعذيب داخل سجون وزارة الداخلية السورية، مدعيًا أن الانتهاكات حدثت في سجون أخرى لا تخضع لإدارته!
"سفاح طرابلس".. تاريخ أسود يلاحق الشعار
لم يكن محمد الشعار مجرد مسؤول أمني عادي، بل كان أحد الوجوه البارزة في الملف اللبناني خلال الثمانينات، عندما كانت القوات السورية تفرض قبضتها الحديدية على لبنان، وكان من رجال غازي كنعان، الحاكم الفعلي لسوريا في لبنان آنذاك.
وتشير التقارير إلى أن الشعار قاد بنفسه عمليات قمع دموية، أبرزها مجزرة باب التبانة في طرابلس عام 1986، التي راح ضحيتها حوالي 700 مدني، بينهم أطفال، ليحصل بعدها على لقبه الشهير: "سفاح طرابلس".
اليد التي قتلت "أبو عربي"
لم تتوقف الجرائم عند المجازر الجماعية، بل يُنسب إلى الشعار أيضًا مسؤوليته عن اغتيال خليل عكاوي، الملقب بـ"أبو عربي"، وهو مؤسس "المقاومة الشعبية" في طرابلس، وأحد أبرز وجوه المعارضة اللبنانية للوجود السوري آنذاك.
مع تصاعد الحديث عن المحاسبة الدولية، بدأت جهات حقوقية في تحريك دعاوى قانونية ضد الشعار، متهمةً إياه بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال فترة خدمته، سواء في سوريا أو لبنان.
لكن السؤال الأهم:
هل جاء تسليم نفسه كمحاولة لتسوية ملفاته قبل أن تطاله يد العدالة؟ أم أن هناك صفقة خلف الكواليس؟
سواء كانت هذه الخطوة مناورة سياسية أو بداية لمحاسبة تأخرت عقودًا، فإن اسم محمد الشعار سيظل محفورًا في ذاكرة الضحايا، وستبقى الحقيقة تنتظر يومًا تكشف فيه العدالة الوجه الحقيقي لـ"سفاح طرابلس".