حزب الله بين السقوط العقائدي والهزيمة العسكرية: نهاية مشروع إيران في لبنان؟
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم
![حزب الله بين السقوط العقائدي والهزيمة العسكرية: نهاية مشروع إيران في لبنان؟](https://mouraselnews.com/uploads/images/202502/image_870x_67a71f4f2eed2.webp)
لطالما استند حزب الله إلى عقيدته العقائدية كركيزة أساسية لشرعيته السياسية والعسكرية، مقدّمًا نفسه على أنه جزء من "محور المقاومة" الذي يقف في وجه القوى الإقليمية والدولية. إلا أن الحرب الأخيرة التي دعم فيها الحزب الفصائل الفلسطينية في غزة كشفت عن هشاشة هذه العقيدة أمام الواقع العسكري والسياسي، حيث جاءت النتيجة خسارة كارثية شملت اغتيال قادة الصف الأول، وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصرالله، وتدمير واسع للبنية التحتية في لبنان. فكيف أدى هذا الفشل العسكري إلى ضربة قاسية للعقيدة العقائدية التي لطالما شكلت هوية الحزب؟
منذ تأسيسه، اعتمد حزب الله على خطاب عقائدي مستلهم من ولاية الفقيه الإيرانية، مقدمًا نفسه على أنه المجاهد في سبيل القضية الإسلامية ضد القوى الاستكبارية. إلا أن الحرب الأخيرة عرت هذه العقيدة، حيث:
- لم يستطع الحزب تحقيق أي نصر عسكري ملموس رغم انخراطه المباشر في الحرب.
- فشل في حماية لبنان، بل تسبب في دمار واسع النطاق ومقتل آلاف المدنيين.
- استشهد قادته الأساسيون، وعلى رأسهم حسن نصرالله، مما شكل ضربة لشرعيته الداخلية.
- لم تتمكن إيران من إنقاذ الحزب عسكريًا، رغم الخطاب العقائدي الذي يدعي "عدم الهزيمة".
كل هذه العوامل أدت إلى سقوط جزء كبير من الأسس العقائدية التي كان الحزب يروج لها، حيث بات من الصعب إقناع جمهوره بأن هذه الخسائر تشكل "نصرًا إلهيًا" كما كان يروج سابقًا.
لطالما استخدم حزب الله خطاب المظلومية التاريخية لتبرير سياساته وتحركاته، مقدمًا نفسه على أنه القوة التي تحمي الشيعة والمستضعفين في المنطقة. إلا أن هذه الحرب أثبتت أن الحزب:
- فشل في حماية بيئته الحاضنة، التي دفعت ثمنًا باهظًا نتيجة المواجهة غير المحسوبة.
- أثبت ضعفه أمام القوى الكبرى، مما جعل جمهوره يتساءل عن جدوى التضحية في سبيل مشروع عقائدي مهزوم.
- خسر الدعم الشعبي في لبنان، حيث بات يُنظر إليه على أنه المسؤول الرئيسي عن كارثة الحرب.
كان حزب الله الذراع الأقوى لإيران في الشرق الأوسط، إلا أن هزيمته الأخيرة زعزعت موقعه داخل محور المقاومة، حيث لم تتمكن إيران من تقديم أي دعم فعّال في مواجهة الضربات العسكرية. هذا الفشل تسبب في:
- إضعاف صورة "ولاية الفقيه" كقوة لا تُقهر، حيث أثبتت الحرب أن المشروع الإيراني في لبنان ليس منيعًا كما كان يُروج له.
- إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، حيث بدأت بعض الأطراف داخل لبنان وخارجه بالتشكيك في جدوى استمرار العلاقة مع إيران.
- خلق أزمة داخل المؤسسات العقائدية للحزب، حيث بدأت القواعد الشعبية تتساءل عن مصيرها بعد هذه الخسارة التاريخية.
مع سقوط القيادة العليا، يجد الحزب نفسه أمام مأزق وجودي، حيث لم يعد بإمكانه الاعتماد على سلاح العقيدة وحده للبقاء. السيناريوهات المحتملة تشمل:
- محاولة إعادة بناء الحزب بخطاب جديد، لكن من دون نصر الله والقادة الأساسيين، ستبقى الشرعية مفقودة.
- تصعيد داخلي في لبنان لمحاولة الحفاظ على النفوذ بالقوة، مما قد يؤدي إلى مواجهة داخلية مع خصومه.
- تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة نتيجة فشل الحزب في تأمين موقعه كذراع إقليمي فاعل.
لطالما كان حزب الله يعتمد على العقيدة العقائدية والتعبئة الدينية كوسيلة لتبرير أفعاله، لكن الواقع العسكري والسياسي أثبت أن العقيدة وحدها لا تكفي لتحقيق النصر. ومع الهزيمة الكبيرة وفقدان القيادة، يواجه الحزب أكبر اختبار لوجوده، حيث لم يعد بإمكانه إقناع جمهوره بأنه "المنتصر الإلهي". هذه الهزيمة لا تعني فقط خسارة معركة، بل قد تمثل بداية نهاية مشروع حزب الله كقوة إقليمية فاعلة، ونقطة تحول في مستقبل النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.