"شيفرة الرمال": لغز رقمي يشعل أزمة أمنية في قلب البيت الأبيض
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

في تطور دراماتيكي يعيد رسم ملامح العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، فجر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاجأة مدوية بإقالة أكثر من عشرة من كبار موظفي الأمن القومي، في خطوة أربكت حسابات البيت الأبيض، وأثارت تساؤلات عميقة في الأوساط السياسية والأمنية الأميركية.
القرار الرئاسي المفاجئ لم يأتِ من فراغ. مصادر مقربة من دوائر صنع القرار أكدت أن ترامب، الذي يولي الولاء الشخصي أهمية قصوى، بات يشكك في نوايا بعض مسؤولي أمنه المقربين. تلك الشكوك تضاعفت بعد تقارير تفيد بتسريب معلومات حساسة إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما اعتبره الرئيس اختراقًا لا يمكن التساهل معه.
في اجتماع مغلق داخل البيت الأبيض، خرج ترامب عن المألوف ووجه اتهامات مباشرة لبعض كبار مستشاريه بالتواطؤ مع إسرائيل. في تصريحات وُصفت بأنها غير مسبوقة، تحدث عن "تحرير البيت الأبيض من الضغوط الإسرائيلية"، ملمحًا إلى وجود قنوات اتصال مشبوهة تربط مستشاريه بجهات أجنبية، في إشارة واضحة إلى تدخلات إسرائيلية متزايدة في مفاصل الأمن القومي الأميركي.
التحوّل الكبير لم يكن نتيجة تقارير استخباراتية فقط. حادثة غريبة في مقر إقامة ترامب الشخصي فجّرت المشهد: ابنه عثر على رقميْن مكتوبين على الرمال قرب نافذة غرفة نوم الرئيس — "47" و"86". التحقيقات الداخلية فسرت الرقم 47 بأنه يشير إلى ترتيب ترامب كرئيس للولايات المتحدة، بينما يُستخدم الرقم 86 في الثقافة الشعبية كرمز للتخلص من شخص ما. هذا "التحذير الرمزي" المفاجئ أطلق إنذارًا أحمر داخل الأجهزة الأمنية.
الهزة الأمنية دفعت البيت الأبيض إلى اتخاذ تدابير غير مسبوقة، تضمنت استدعاء اثنين من عملاء الموساد في واشنطن للتحقيق، وسط شكوك بضلوعهم في القضية. الحدث، الذي بدا أقرب إلى سيناريو فيلم تجسس، زاد من ارتياب ترامب ودفعه إلى التحرك الفوري.
وراء الكواليس، كشفت مصادر أن ترامب أوفد وزيرة الأمن الداخلي كريستي نوم إلى إسرائيل، في زيارة قيل إنها لمناقشة الملف الإيراني، لكنها كانت في الحقيقة لنقل احتجاج مباشر إلى نتنياهو بشأن ما اعتبره الرئيس الأميركي تدخلاً خطيراً في أمنه الشخصي والسياسي.
في المقابل، لم يقف نتنياهو مكتوف اليدين. بل لجأ إلى دعم إسرائيل التقليدي داخل الحزب الجمهوري في الكونغرس، في محاولة لاحتواء غضب ترامب، وتهدئة الموقف قبل أن يتحول إلى أزمة دبلوماسية كاملة.
ما بين رسائل الرمال وتحقيقات الأمن القومي، يبدو أن معركة النفوذ في البيت الأبيض لم تعد مجرد خلافات داخلية، بل باتت مرآة لصراع أعمق بين مراكز القوى التقليدية وتحولات الولاء الجيوسياسي. السؤال الذي يبقى مفتوحًا: هل ما جرى كان مجرد صدفة رمزية؟ أم أن هناك من يحرك الرمال بالفعل تحت أقدام الرئاسة؟