«رجعت حليمة»... حزب الله يُعيد عقارب الدولة إلى زمن السلاح والانقسام!
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

في يومٍ كان يُفترض أن يُكرَّس لتحرير الجنوب، قرر رئيس الحكومة نواف سلام أن يحرر الخطاب الوطني من الخضوع، فكشف ما لم يجرؤ غيره على قوله: انتهت مرحلة تصدير الثورة، وانتهى زمن ثنائية السلاح. هنا بدأ الارتجاج داخل أروقة حزب الله... وهنا عاد شبح الهيمنة من جديد.
في توقيتٍ مدروس، وجه نواف سلام صفعة سياسية لمن اعتاد على مصادرة قرار الدولة. تجنّب ذكر "المقاومة" لم يكن سهوًا، بل موقفًا. رفض ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" لم يكن زلّة لسان، بل إعلان انتفاضة على سردية خنقت لبنان لعقود.
ردّ «حزب الله» لم يتأخر. حشد إعلامه، وحرّك نوابه، وبدأ بالوعيد المبطّن. لكن الغريب؟ أنه هذه المرّة، لم يجد أذنًا صاغية حتى في الداخل.
هل عاد «حزب الله» إلى لغة التهديد؟
من يراقب تحركات الحزب في الأيام الأخيرة، يرى نَفَسًا استعلائيًا يكاد يختنق من خطاب الدولة. لا يستطيع «حزب الله» التعايش مع حكومة تجرؤ على المطالبة باحتكار السلاح، وتطبيق القرار 1701، والانخراط في خيار دبلوماسي لتحرير ما تبقى من الجنوب.
فـ"حليمة" عادت إلى عادتها القديمة:
خطاب مزدوج: دعم الحكومة علنًا، وتحريض ضدها في الكواليس.
تبرير التسلّح تحت ذريعة "الاحتلال".
تجييش إعلامي ضد وزراء الدولة.
نواف سلام ليس دياب ولا ميقاتي: هذه معركة وجود
هذه المرة، المعركة ليست تكتيكية، بل وجودية. سلام لا يمثل فقط موقفاً سيادياً، بل يعكس وعياً جديداً لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين: لا دولة مع ميليشيا. لا إصلاح مع سلاح غير شرعي. لا مستقبل للبنان في ظل ازدواجية القرار.
والسؤال الذي يهز الشارع: هل يريد الحزب حكومة تُطبّق البيان الوزاري، أم حكومة تصفق لبيانات "المنار"؟
المواجهة قد لا تبقى سياسية. الحزب يلوّح، يسرب، يهدد، يراقب. أما نواف سلام، فيصرّ على الاستمرار بخطاب القسم، وبدعم المجتمع الدولي، ويقود حكومة تنطق باسم الدولة، لا باسم "القيادة المركزية في الضاحية".
الرئيس جوزيف عون، وإن كان يحاول التهدئة، يدرك تماماً أن الاستقرار لا يُشترى بالتنازلات، وأن الحفاظ على الحكومة لا يجب أن يأتي على حساب السيادة.
لبنان اليوم أمام لحظة مصيرية. إما أن يُفتح حوار حقيقي حول الاستراتيجية الدفاعية، تحت سقف الدولة، أو تعود دوامة التعطيل والسلاح والهيمنة.
سلام كسر المحظور. وقال ما لا يُقال. والكرة الآن في ملعب الناس: إما أن يصطفون خلف الدولة، أو يُتركوا رهائن لجمهورية "السلاح عندي... إذاً أنا الدولة".
كلمة أخيرة: كفى!
يا «حزب الله»، لبنان ليس متجراً للثورات الفاشلة. لا جنوبك محرّر إن كان سلاحك يكمم أفواه أهله. ولا نضالك شريف إذا صار أداة تهديد ضد الدولة التي تحتضنك.
نواف سلام لا يخون المقاومة... بل يقاوم الخنوع.