حين يُساوي قاسم بين لبنانيين وإسرائيل: تهديد أم إعلان حرب؟
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

إلى وفيق صفا نقول: لبنان ليس مزرعة أمنية، والدولة ليست شركة خاصة تُدار من الضاحية، بل وطن ينزف من شرايينه لأن القرار أصبح محتجزًا في غرفة مظلمة. حين تصرّح أن التعيينات الأمنية "تجري كما يريد الثنائي"، فأنت لا تكشف سراً... بل تعلن احتلالاً داخلياً موثقاً بالصوت والصورة، وسط صمت الدولة وخنوع مؤسساتها.
لكن الأخطر، ما قاله الشيخ نعيم قاسم: "سنواجه من يعمل على نزع سلاح المقاومة كما واجهنا إسرائيل." هنا، لم يعد الكلام عن حماية لبنان من العدو، بل عن توجيه فوهات البنادق نحو الداخل، نحو كل من يجرؤ على طرح سؤال سيادي. هذه ليست مقاومة... هذا تهديد مبطن بحرب أهلية، هذا انتحار سياسي لمنطق الدولة، وشرعنة لدويلة مسلحة داخل كيان شبه منهار.
قاسم يُنظّر باسم "الإنجازات العظيمة"، متجاهلاً أن السلاح نفسه الذي حرّر، بات يقمع، ويمنع، ويعطل. وصفا يُعيّن الأمن بليّ ذراع المؤسسات، وكأننا نعيش في جمهورية حرس، لا وطن ولا دستور. أما الشعب؟ فهو يُذلّ بين طوابير الجوع، وانهيار الليرة، وتخوين الأصوات الحرة.
لبنان اليوم تحت السلاح، لا تحت السيادة. المقاومة تحوّلت من مشروع وطني إلى حصن حزبي. من معركة ضد إسرائيل إلى معركة ضد كل صوت لبناني يطالب بالدولة. فإلى متى السكوت؟ إلى متى سنقبل أن يُقال لنا: إما السلاح... أو العدم؟
لا، هذا وطن. ليس مزرعة. لا أحد فوق الدولة. لا سلاح فوق الدستور. لا وصاية باسم التحرير. والمواجهة اليوم، ليست ضد إسرائيل فقط... بل ضد من اختطف لبنان باسمها.