خامنئي وتصدير الأوهام: لعبة المقاومة على حساب دماء الشعوب

بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم

خامنئي وتصدير الأوهام: لعبة المقاومة على حساب دماء الشعوب

في الوقت الذي يواصل فيه المرشد الإيراني علي خامنئي ترويج أكاذيبه حول جبهة "المقاومة" الممتدة من لبنان إلى غزة، يفضح الواقع القاسي أن هذا الخطاب لا يعدو كونه أداة لترويج مشاريع سياسية فارغة لا تسهم سوى في إراقة دماء الأبرياء وتدمير مستقبل الأجيال القادمة. خامنئي، الذي يرفع شعارات "المقاومة" كرمز للقوة والعزة، يتجاهل الحقائق المرة على الأرض، حيث أن هذه المقاومة أصبحت، في جوهرها، وسيلة لتحقيق أجندات إيرانية على حساب آلام ومعاناة شعوب المنطقة.

 

تصريحات خامنئي المتكررة حول "حزب الله" وكفاحه الزائف، وتأكيده على استمراريته، ما هي إلا محاولات يائسة لتشويه الواقع. كيف يمكن التصديق أن لبنان الذي يعاني من أزمات اقتصادية خانقة، يمكنه مواجهة الكيان الصهيوني بينما هو يغرق في مستنقع الاضطرابات الداخلية؟ "حزب الله"، الذي يُقدمه خامنئي كرمز للمقاومة البطولية، لا يعدو كونه أداة إيرانية تستنزف موارد لبنان وتعرقل أي محاولة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.

 

أما عن الحرب الحالية، فيكفي القول إنها حرب لا علاقة للبنانيين بها. لبنان يدفع ثمن مغامرات "حزب الله" السياسيوية على حساب دماء أبنائه. الحرب التي يخوضها الحزب ضد إسرائيل تدمّر البنية التحتية، وتزيد من معاناة الشعب، مخلّفة أكثر من 3000 قتيل، 12 ألف جريح، ومليون ونصف نازح. هذه الحرب لم تجلب للبنان سوى الخراب والدمار، بينما تروج لها القوى التي لا تكترث لمستقبل هذا البلد الذي أصبح رهينة لأجندات خارجية.

 

في الوقت الذي يواصل فيه خامنئي رفع شعارات "المقاومة"، يبقى الواقع هو من يكشف التدمير الذي يلاحق لبنان بسبب صراعات لا ناقة للبنانيين فيها. اليوم، لم يعد ممكناً أن يستمر هذا العبث. لبنان بحاجة إلى استعادة سيادته الحقيقية والابتعاد عن الحروب الإقليمية التي لا تمت لمصالحه بصلة. الحل يكمن في قيادة تأخذ مصلحة لبنان بجدية، قيادة تُركّز على بناء استقرار داخلي وليس التورط في حروب لا طائل منها.

 

اليوم، يجب على اللبنانيين أن يعوا أن "المقاومة" التي يروج لها خامنئي ليست أكثر من أداة للهيمنة الإيرانية على مقدرات بلادهم. تلك المقاومة التي لا تحقّق للبنان إلا الخراب، لا تضمن سوى تعزيز النفوذ الإيراني على حساب دماء اللبنانيين. لقد آن الأوان للتمسك بمصلحة لبنان أولًا، والعمل على بناء دولة قوية، خالية من الفساد ومصالح القوى الخارجية. لبنان لا يحتاج إلى مغامرات سياسية وعسكرية، بل إلى نهضة حقيقية تبدأ من الداخل.