السعودية ترسم خطاً أحمر: محمد بن سلمان يتصدّى لعدوان إسرائيل ويعلن دعمًا مطلقًا لقطر وفلسطين
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

في خطاب حمل نبرة تاريخية ورسائل سياسية حاسمة، فجّر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مفاجأة مدوّية في افتتاح أعمال السنة الثانية لمجلس الشورى، حين أعلن رفض المملكة القاطع لـ«العدوان الغاشم» الذي شنّته إسرائيل على قطر، مؤكداً أنّ الرياض تقف مع الدوحة «بلا حد» وتسخّر كل إمكاناتها لحمايتها.
هذه الكلمات لم تكن عابرة ولا بروتوكولية؛ بل وضعت إسرائيل وجهاً لوجه أمام جدار جديد من الرفض العربي تقوده السعودية، الدولة التي تمسك بمفاتيح القرار الإقليمي وتملك أوراق ضغط سياسية واقتصادية هائلة.
الأمير محمد بن سلمان لم يكتفِ بالإدانة، بل صاغ تهديداً واضحاً: أي اعتداء على دولة عربية هو اعتداء على منظومة الأمن الإقليمي برمتها، وأي محاولة إسرائيلية لزعزعة الاستقرار ستُواجَه بتعبئة عربية – إسلامية – دولية، تقودها المملكة.
وقال بلهجة قاطعة: «أرض غزة فلسطينية، وحق أهلها ثابت لا ينتزعه عدوان ولا تلغيه تهديدات». هذه العبارة وحدها كفيلة بإعادة رسم حدود النقاش حول مستقبل المنطقة، وتعيد تثبيت القضية الفلسطينية في قلب المعادلة بعد محاولات تهميشها.
بالتوازي مع التصعيد الكلامي ضد إسرائيل، ذكّر ولي العهد بمبادرة السلام العربية التي أطلقتها الرياض عام 2002، مؤكداً أنّها «المسار غير المسبوق لتحقيق الدولة الفلسطينية». وأشار إلى أنّ الجهود السعودية الأخيرة أسفرت عن ازدياد عدد الدول التي اعترفت بفلسطين، في إشارة إلى أن المملكة لا تكتفي بالشعارات، بل تدفع نحو خطوات ملموسة على الأرض.
قطر… حليف استراتيجي تحت حماية الرياض
الأبرز في الخطاب أنّه أعاد تعريف العلاقة الخليجية بعد سنوات من التباين. السعودية وضعت وزنها كاملاً خلف قطر، لتقول للعالم إنّ أمن الدوحة جزء لا يتجزأ من أمن الرياض. هذه الرسالة تعني أنّ أي محاولة لاستهداف دول الخليج ستواجه جداراً موحداً تقوده السعودية.
البعد السوري: تثبيت الدور القيادي
ولم تقتصر الرسائل على الملف الفلسطيني والقطري، بل امتدت إلى سوريا حيث كشف الأمير محمد بن سلمان أنّ الرياض كانت لاعباً محورياً في رفع العقوبات الدولية ودفع جهود إعادة الإعمار. بهذه النقطة، وضع ولي العهد المملكة كوسيط وراعٍ للاستقرار الإقليمي من دمشق إلى بيروت والخرطوم وصنعاء.
خطاب ولي العهد ليس مجرد ردّ فعل على حادثة، بل إعادة تموضع استراتيجي:
تثبيت السعودية كقوة قيادية في مواجهة إسرائيل.
إحياء روح التضامن العربي والإسلامي.
إنها رسالة مزدوجة: دعم لا محدود لحلفاء المملكة، وتهديد مباشر لإسرائيل بأنّ أي تجاوز جديد سيقابل بردّ بحجم مختلف، تقوده الرياض وتدعمه منظومة إقليمية ودولية.
في لحظة إقليمية ملتهبة، جاء صوت محمد بن سلمان ليعيد التوازن ويضع النقاط على الحروف: لا مساومة على فلسطين، لا صمت على العدوان، ولا حدود لدعم الأشقاء. إنها لحظة فاصلة قد تعيد صياغة مستقبل الشرق الأوسط، وتضع إسرائيل أمام معادلة جديدة: إما سلام عادل… أو عزلة دولية متصاعدة تقودها السعودية.