إيران والغرب: خيوط التاريخ وصراعات الحاضر

بقلم عبد الحميد عجم

إيران والغرب: خيوط التاريخ وصراعات الحاضر

تُعتبر العلاقة بين الغرب وإيران موضوعًا معقدًا يتداخل فيه التاريخ والجغرافيا والسياسة، حيث يرى العديد من المحللين أن هناك أسبابًا عميقة تتجاوز الأحداث المعاصرة، تعود إلى فترات زمنية بعيدة، بدءًا من عصر الصفويين. يُعتقد أن الغرب، من خلال دعمه لإيران كقوة إقليمية، يسعى إلى تحقيق توازن داخل العالم الإسلامي الذي يُهيمن عليه السنة، مما يتيح له إبعاد الانتباه عن تحدياته.

 

في الحقبة الصفوية، شهدت المنطقة ظهور قوة شيعية متميزة، مما أدى إلى ديناميكية سياسية ودينية لا تزال تؤثر على العلاقات الحالية. هذه الديناميكية تطرح تساؤلات حول كيفية استغلال الغرب لإيران كوسيلة لتقويض استقرار الدول العربية السنية، مما يُفضي إلى تعزيز الفتن الطائفية.

تدعم هذه النظرية مجموعة من الاستراتيجيات الغربية، بما في ذلك المواقف الأميركية والإسرائيلية التي تُمكن إيران من الحفاظ على قوتها، رغم كون هذه القوة تشكل تهديدًا لبعض حلفاء الغرب. يتجلى ذلك من خلال التفاهمات التي أُبرمت في فترة أوباما، واستمرار بايدن في التواصل مع إيران لتطبيع وضعها، مما يظهر في تهاون الغرب تجاه التهديد الحوثي في اليمن.

 

علاوة على ذلك، نجد أن الغرب لم يتخذ خطوات جدية ضد «حزب الله» وقائده نصر الله، رغم توفره على القدرة العسكرية للقيام بذلك. هذه الأدلة تشير إلى أن الإبقاء على القوة الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين هو هدف يُراد به الحفاظ على حالة من الفوضى الإقليمية.

 

حتى وجود «حماس» وامتداد نفوذها يُفهم في إطار الدعم الإسرائيلي، مما يعزز من هذه النظرية الاستراتيجية الغربية.

 

لكن يبقى السؤال مطروحًا: ما هو السبب الحقيقي وراء هذا التساهل الغربي؟ هل يستند إلى اعتبارات تاريخية عميقة، أم أن هناك استراتيجيات معاصرة تلعب دورًا أكبر؟ إن الإجابة ليست واضحة، حيث قد يكون هناك تفاعل بين العوامل التاريخية والاستراتيجيات الحالية، مما يُعقد من فهم الموقف الغربي تجاه إيران.

 

تستدعي هذه القضايا نقاشًا معمقًا يتجاوز السطح، ويجب أن نأخذ في اعتبارنا الأبعاد التاريخية والسياسية التي تشكلت عبر الزمن. في النهاية، ستظل إيران وحلفاؤها كحقائق سياسية لا يمكن تجاهلها، وستستمر كأحد التحديات الكبرى للسياسات الغربية في المنطقة. لذا، ستبقى هذه المسائل مفتوحة للنقاش، مع تحديث التحليلات تبعًا للتطورات الإقليمية.