حين يتحكم مجنونان بمصير أمة: إيران وإسرائيل في مرآة الخراب

بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

حين يتحكم مجنونان بمصير أمة: إيران وإسرائيل في مرآة الخراب

في الشرق الأوسط، لم يعد السؤال: من أشعل الحرب؟ بل: من يمنع السلام؟

في لحظةٍ واحدة، وجد ملايين العرب أنفسهم أمام مسرحية دموية من بطلين خطيرين: إسرائيل وإيران. كلاهما يرفع شعارات الأمن، ويُطلق صواريخ الموت. كلاهما يدّعي الدفاع عن نفسه، ويزرع الفوضى في أوطان غيره.

أما الضحية؟ شعوب المنطقة، من بيروت إلى صنعاء، ومن بغداد إلى غزة.


إسرائيل... دولة تسعى للأمن بالحديد والنار

حين أطلقت إسرائيل فجر الجمعة أضخم هجوم جوي على العمق الإيراني، لم تكن تسعى للسلام، بل لتثبيت معادلة القوة بقبضة نارية.
مئتا طائرة، صواريخ خارقة، تنسيق استخباراتي، ضربات دقيقة… كل ذلك خارج القانون الدولي، ودون استشارة أحد.

تقول تل أبيب إنها تُدافع عن وجودها… لكنها لم تُفكر للحظة بوجود الآخرين:

هل فكّرت بعواقب إشعال المنطقة؟

هل حسبت ردود فعل الميليشيات المتحالفة مع إيران؟

هل تعتقد أن الأمن يُبنى بالقوة فقط؟


إسرائيل هنا لا تختلف عن خصمها اللدود.

إيران... دولة تصنع الموت بشعارات المقاومة

وفي المقابل، إيران لم تكن يومًا رمزًا للاستقرار.

تمدّدت في العواصم العربية عبر ميليشيات مذهبية.

ضحّت بشعبها لأجل مشروع نووي غامض.

حوّلت جيرانها إلى ساحات نار، وأرسلت صواريخها إلى حيث لا يجب أن تصل.


تزعم طهران أنها تدافع عن المستضعفين، لكنها في الحقيقة جعلت من كلّ مستضعف وقودًا لحربها الباردة الساخنة.

لقد نسيت إيران شيئًا مهمًا: أن قضايا الأمة لا تُحل بالصواريخ، بل بالسياسة.


السعودية... صوت العقل في زمن الجنون

في خضم هذا المشهد المجنون، تبرز المملكة العربية السعودية كصوت التوازن.
لم تفتح جبهة، لم تشعل نارًا، بل مدت يدها إلى الجميع، وطرحت مبادرات، واستقبلت وسطاء، ووقّعت اتفاقيات تهدئة.

لكن كيف يمكن لصوت العقل أن يسمع، حين يصرخ بين مدافع إسرائيل ومليشيات إيران؟

من يدفع الثمن؟

يدفعه اللبناني الذي حوّلوا وطنه إلى ثكنة.

يدفعه اليمني الذي تمزق حلمه في صراعات با لوكالة 

ويدفعه الإيراني والإسرائيلي العادي، الذي لا يملك قرار الحرب ولا السلم.


هكذا أصبح السلام رهينة في يد دولتين تشتركان في العداء، لكن تتشابهان في المنهج: قوة، فرض، احتقارٌ لإرادة الشعوب.

الرسالة إلى العرب: لا تختاروا بين جلادين

إيران ليست الحل… وإسرائيل ليست الأمل.
الأولى تسحق جيرانها باسم المذهب، والثانية تُحاصر شعبًا باسم الأمن.

من قال إن علينا أن نختار بين نارين؟
من قال إن مصيرنا يُرسم في تل أبيب أو طهران؟


الخاتمة: نريد شرقًا جديدًا… لا تحكمه الغطرسة ولا الوصاية

المنطقة تستحق قيادة تفكر، لا تتصارع. تبني، لا تقصف. تصنع سلامًا لا مشروطًا، لا سلامًا مفروضًا بالقوة.

إن السلام الحقيقي يولد من عواصم تعرف قيمة الإنسان، لا من عواصم تُتقن التهديد والدمار.

فكفى... كفى لإيران وإسرائيل أن تُقررا مصير العرب.
كفى نارًا تُشعلها عقول متحجرة.
نحن أبناء الحياة... لا وقود الحرب.