اللبنانيون ليسوا بحاجة إلى مطار جديد… بل إلى دولة جديدة!
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

لبنان أمام معركة السيادة الحقيقية
لم يعد مطار رفيق الحريري الدولي مجرد مرفق مدني، بل أصبح نقطة اشتباك بين الدولة اللبنانية والدويلة التي فرضها حزب الله. هذه الحقيقة لم تعد تخفى على أحد، فالمطار الذي يُفترض أن يكون تحت سيطرة الجيش اللبناني، بات منصة تستخدمها إيران عبر حزب الله لتمرير أجنداتها، ما يحوّله إلى خطر على الأمن القومي اللبناني وعلى علاقات لبنان مع العالم.
في ظل هذه السيطرة، لم يعد السؤال ما إذا كان حزب الله يهيمن على المطار، بل إلى متى سيستمر هذا الاحتلال المقنّع؟ وهل ستجرؤ الدولة اللبنانية على اتخاذ القرار التاريخي بإعادة الجيش إلى دوره الطبيعي في حماية مطار العاصمة، أم ستبقى رهينة التوازنات المفروضة؟
الأمن والجمارك: ما يسمح بتهريب الأسلحة والأموال دون رقابة الدولة.
التحكم بالمسافرين: حيث يُعتبر المطار نقطة عبور آمنة لعناصر الحزب وشركائه الإقليميين.
تسهيل النفوذ الإيراني: من خلال تأمين قنوات لوجستية لصالح الحرس الثوري الإيراني.
هذا الواقع يضع لبنان في دائرة الخطر الدولي، حيث يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات على المطار أو حتى عزله دوليًا، مما يضر بمصالح جميع اللبنانيين، وليس فقط خصوم الحزب.
المعركة ليست بين مطارين… بل بين السيادة والوصاية
في ظل هذه الأزمة، طُرح تشغيل مطار القليعات (الرئيس رينيه معوض) شمالًا كبديل عن بيروت، لكن هذا الحل يثير تساؤلات خطيرة:
هل الهدف هو إنشاء مطار بديل، أم الهروب من مواجهة الحقيقة؟
إن تشغيل مطار القليعات ليس حلًّا إذا لم يكن ضمن إطار وطني شامل يعيد كل المطارات اللبنانية إلى سلطة الدولة وليس الميليشيات. فالرهان الحقيقي ليس على تغيير المطار، بل على استعادة السيطرة على كامل المجال الجوي اللبناني.
الحل واضح ولا يحتاج إلى مماطلة: استعادة الدولة سيطرتها على مطار رفيق الحريري الدولي وتسليمه بالكامل إلى الجيش اللبناني.
وهذا يتطلب:
نشر قوات الجيش في كل مرافق المطار، وإبعاد أي جهات غير شرعية عن الأمن والجمارك.
إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية العاملة في المطار، لضمان عدم وجود عناصر موالية لحزب الله.
فرض رقابة دولية شفافة على المطار، لضمان عدم استخدامه لأغراض مشبوهة.
إصدار قرار حكومي واضح: لا مطار خارج سلطة الجيش اللبناني.
لبنان لن يستعيد موقعه الدولي ولن يخرج من أزمته إلا إذا قرر التحرر من سطوة حزب الله. اليوم، الاختبار الحقيقي للحكومة وللرأي العام اللبناني هو:
هل نريد مطارًا حرًا تحت سلطة الدولة، أم بوابة إقليمية لخدمة أجندات خارجية؟
اللبنانيون ليسوا بحاجة إلى مطار جديد، بل إلى دولة جديدة… دولة تمتلك سيادتها ولا تخضع لسلطة الأمر الواقع. الكرة اليوم في ملعب الدولة، فإما أن تتحرك لاستعادة مطار العاصمة، أو تقر علنًا أنها عاجزة عن إدارة بلدها، وتُسلمه رسميًا للميليشيات.