من الزنازين إلى الحرية: كيف طوى السوريون صفحة الأسد في 11 يومًا

بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

من الزنازين إلى الحرية: كيف طوى السوريون صفحة الأسد في 11 يومًا

لا شك أن سقوط نظام بشار الأسد كان نتيجة تضحيات جسيمة قدمها الشعب السوري عبر عقود من الكفاح ضد الظلم والاستبداد. دماء السوريين التي سالت على الأرض، والمعاناة التي تحملها الملايين في الأقبية والزنازين، كانت هي الشعلة التي أضاءت طريق التغيير. قلائل من السوريين، سواء في الداخل أو الشتات، لم يتعرضوا لأذى مباشر أو غير مباشر من النظام. فالمعاناة كانت شاملة، وإن اختلفت درجاتها، خاصة بعد عام 2011، حيث تفاقمت المأساة بمقتل الآلاف، وسجن آخرين، وتهجير الملايين، لكن الأمل ظل يرافق السوريين رغم كل شيء.

ضعف إيران ووكلائها:

خلال السنوات الأخيرة، وبالأخص في العام الماضي، تعرضت إيران وحلفاؤها لضربات متتالية. ضربات إسرائيلية موجعة استهدفت مواقعهم في سوريا ولبنان، مما أضعف قوتهم. ومع اغتيال شخصيات محورية مثل حسن نصرالله، أصبح النظام السوري أكثر هشاشة. كان هروب الأسد بمثابة انعكاس لسلسلة من الضربات التي زعزعت "محور الممانعة".

 انهيار خطوط القتال:

على الأرض، تجلى الضعف في انهيار خطوط القتال في غرب حلب. ميليشيات إيران التي كانت الداعم الأساسي للنظام بدأت بالانسحاب تحت وطأة ضربات الفصائل المعارضة، مما كشف هشاشة النظام.

 التحولات الروسية:

منذ تدخلها العسكري في أوكرانيا عام 2022، تركزت أولويات روسيا على تحصين موقعها الاستراتيجي هناك. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يعد يرى في سوريا أولوية كبرى، خاصة مع ضغط الحرب الأوكرانية. في هذا السياق، بات بقاء الأسد يمثل عبئًا لا حاجة لروسيا بتحمله.

 الدور التركي:

صاغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطة محكمة تقوم على إخراج الأسد من المعادلة السياسية. تضمن الخطة: انتقال السلطة، وتحجيم النفوذ الإيراني، وضمان بقاء القواعد الروسية، مع الحفاظ على وحدة سوريا تحت مظلة سياسية واحدة في دمشق.

 الدور الأمريكي:

مع استمرار إدارة بايدن في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، ورغبة واشنطن في تقليص نفوذ إيران، لم تجد روسيا بدًا من إعادة ترتيب أوراقها في سوريا، وهو ما أسهم في إضعاف النظام السوري بشكل حاسم.

ملامح سوريا الجديدة:

التغيير لم يكن سهلًا، وما زالت التحديات كثيرة أمام سوريا ما بعد الأسد. التجارب السابقة في العراق وليبيا أثبتت أن التحول الديمقراطي طريق مليء بالصعوبات. ومع ذلك، فإن نهاية حكم الأسد تمثل لحظة تاريخية. اللحظة التي طالما انتظرها السوريون وقدموا لأجلها أغلى التضحيات.

سقط الأسد. انتهى نظام عائلة الأسد. التاريخ قال كلمته، والشعوب الحرة لا تُقهر. مهما كانت الوحشية، فإن مسار التاريخ لا يتوقف. سقوط الأسد كان النهاية الحتمية لكل دكتاتور.

فماذا بعد؟

المهمة الآن هي بناء سوريا جديدة قائمة على العدالة والتنوع والوحدة الوطنية. إنها لحظة للاحتفال، ولكنها أيضًا لحظة للتأمل والتخطيط لمستقبل يستحقه السوريون.