رمضان في لبنان: غلاء الأسعار يحاصر الموائد والأمن الغذائي في خطر

بقلم الطالبة الجامعية والناشطة الإجتماعية اليسار عواد

رمضان في لبنان: غلاء الأسعار يحاصر الموائد والأمن الغذائي في خطر

مع حلول شهر رمضان المبارك، يجد اللبنانيون أنفسهم أمام أزمة غلاء غير مسبوقة في أسعار السلع الغذائية، مما يجعل تأمين الاحتياجات الأساسية تحديًا يوميًا للعديد من العائلات. فبين تدهور سعر صرف الليرة، واحتكار التجار، وارتفاع الأسعار عالميًا، أصبح رمضان موسمًا للمعاناة بدلًا من أن يكون شهرًا للبركة والتراحم.

وفي سياق أوسع، تشير تقارير أممية حديثة إلى أن المنطقة العربية بأكملها تواجه أزمة غذائية حادة، تُبعدها أكثر عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030. ومع تصاعد النزاعات السياسية والتغيرات المناخية، تتفاقم الفجوة الاقتصادية، مما يزيد من تدهور الأمن الغذائي وسوء التغذية في البلدان المتأثرة بالأزمات، ومنها لبنان.

لماذا ترتفع الأسعار بشكل غير مسبوق مع دخول شهر رمضان؟ هذا السؤال يشغل اللبنانيين مع كل عام، حيث يتحوّل شهر الصيام إلى موسم للارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين، والزيوت، واللحوم، والخضار. ويرجع هذا الغلاء إلى عوامل متعددة، أبرزها:

 التضخم وانهيار العملة: مع استمرار تدهور الليرة اللبنانية أمام الدولار، يواجه المستوردون صعوبات في تسعير المنتجات، مما يدفع الأسعار إلى مستويات قياسية.

 الاحتكار وضعف الرقابة: يستغل بعض التجار والاحتكارات قلة الرقابة الحكومية لرفع الأسعار بشكل غير مبرر، خاصة خلال المواسم التي يرتفع فيها الطلب.

الأزمات الإقليمية والاضطرابات العالمية: تؤثر الحرب في أوكرانيا، والتغيرات المناخية، وارتفاع أسعار الطاقة، في كلفة استيراد المواد الغذائية، مما ينعكس مباشرة على السوق اللبناني.

 الضرائب والجمارك: تؤدي الرسوم المرتفعة على السلع المستوردة إلى زيادة إضافية في الأسعار، ما يجعل المنتجات الأساسية بعيدة عن متناول شريحة واسعة من اللبنانيين.

بحسب التقارير الدولية، لا يزال لبنان، إلى جانب العديد من الدول العربية، بعيدًا عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمن الغذائي. فبحسب تقرير صادر عن ست منظمات أممية، فإن المنطقة العربية تسجل معدلات مرتفعة من سوء التغذية ونقص الغذاء، بسبب عوامل متعددة أبرزها النزاعات السياسية، والركود الاقتصادي، والتفاوت الكبير في الدخل.

في لبنان، تُظهر الإحصائيات أن نسبة العائلات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي قد تضاعفت في السنوات الأخيرة، حيث باتت أكثر من 60% من الأسر اللبنانية تواجه صعوبة في تأمين احتياجاتها الأساسية. ومع استمرار الانهيار الاقتصادي وعدم وجود حلول مستدامة، تبدو الأزمة مرشحة للتفاقم أكثر في الأشهر والسنوات المقبلة.

أمام هذا الواقع، هناك مجموعة من الخطوات العاجلة التي يجب اتخاذها للتخفيف من تأثير أزمة الغلاء خلال شهر رمضان وبعده:

 

  1. تشديد الرقابة على التجار والأسواق لمنع الاحتكار والتلاعب بالأسعار.
  2. إطلاق مبادرات دعم غذائي للمحتاجين، عبر الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية.
  3. تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، خصوصًا في القطاعات الزراعية.
  4. إصلاح السياسات الاقتصادية لضبط التضخم وتقليل الضرائب على السلع الأساسية.

 

يبدو أن رمضان 2025 سيكون الأصعب على اللبنانيين، في ظل استمرار ارتفاع الأسعار وانعدام الحلول الاقتصادية الفعالة. فبين أزمة العملة، واحتكار الأسواق، وغياب الرقابة، تتحول مائدة الإفطار إلى رفاهية لا يستطيع الجميع تحملها. وبينما ينتظر المواطنون حلولًا جذرية من الدولة، يبقى السؤال الأهم: إلى متى سيظل الأمن الغذائي في لبنان رهينة الأزمات السياسية والاقتصادية؟