بين الدولة والسلاح غير الشرعي: من يوقف وئام وهاب؟

تحرير قسم الشؤون السياسية _خاص لموقع مراسل نيوز

بين الدولة والسلاح غير الشرعي: من يوقف وئام وهاب؟

في دولة يُفترض أن تُبنى على سيادة القانون ومؤسسات الدولة، خرج رئيس "حزب التوحيد العربي" وئام وهاب، دون صفة رسمية، بتصريحات علنية مفادها أن "سلاح الدروز ليس للتسليم"، في تحدٍّ مباشر لمبدأ احتكار القوة بيد الدولة، وضرب واضح للدستور اللبناني والمواثيق الوطنية.

 

السؤال الصريح: لماذا لا يُحاسب وهاب على هذا التصريح؟ ولماذا لا يتحرّك القضاء؟

 

تصريح يهدد الكيان اللبناني

 

تزامن تصريح وهاب مع مبادرة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي أعلن تسليم ما تبقّى من سلاح خفيف ومتوسط إلى الدولة، في محاولة لتكريس سلطة الشرعية، وهو ما كان يجب أن يلقى ترحيباً وتشجيعاً من كافة الأطراف. لكن بدلاً من ذلك، خرج وهاب برسالة معاكسة، مفادها أن "القرار الدرزي" بشأن السلاح ليس خاضعاً للدولة، بل لمعادلات حزبية خاصة.

 

إذاً، هل بات السلاح في لبنان يُوزَّع على أساس الانتماء، ويُحمى بحجج "الظروف"، بينما تسكت الدولة، وتُشل مؤسساتها، خوفاً أو تواطؤاً؟

لبنان دولة أم مساحة نفوذ؟

 

منذ انتهاء الحرب الأهلية، بقي ملف السلاح غير الشرعي مطروحاً، يتقدم ويتراجع بحسب التوازنات. لكن في كل الحالات، لا يجوز أن يخرج أحد، مهما كان، ليعلن التمرد العلني على مفهوم الدولة دون محاسبة. وإذا لم تكن الدولة قادرة على مساءلة وهاب، فبماذا تختلف عن كيان هشّ فاقد للسيادة؟

 

في ظل الظروف الإقليمية المتفجرة، والانهيار الداخلي الذي ينهش مؤسسات الدولة، لا بدّ من سؤال جوهري:

لماذا لا يُستدعى وهاب إلى القضاء؟ لماذا لا يُسأل عن دوافع التهديد العلني لسلطة الدولة؟ ولماذا يتم التساهل مع خطاب يحضّ على الانقسام والميليشياوية؟

 

بين الصمت والتخاذل... خطر يهدد البنيان اللبناني

 

إن صمت السلطة على مثل هذه التصريحات لا يمكن اعتباره حياداً، بل تواطؤاً خطيراً، لأنه يمنح منطق "السلاح بوجه الدولة" غطاءً غير مباشر. فهل يجوز أن يُلاحق ناشط بسبب تغريدة، بينما يُسمح لسياسي أن يتوعّد الدولة ويتحداها دون أي رادع؟ هل هذه العدالة؟ وهل هذه الدولة؟

 

الوضع لم يعد يحتمل. إذا لم تستطع المؤسسات أن تفرض هيبتها، فلتعلن عجزها بشكل واضح، ولتُسند السلطة إلى من يملك السلاح بالفعل. أما استمرار ازدواجية المعايير، فهو ما يُغرق لبنان أكثر في فوضى الانهيار.

 

 

دعوة إلى المؤسسات... قبل فوات الأوان

 

ندعو القضاء اللبناني، النيابة العامة التمييزية، ومجلس الوزراء، إلى اتخاذ خطوات فورية تجاه هذه التصريحات الخطيرة. فمبدأ السيادة لا يتجزأ، ومن يتحدّاه يجب أن يُساءل. والوقت ليس مناسباً للمجاملات الطائفية أو الحسابات السياسية الضيقة.

 

لبنان بلد المؤسسات، لا الزعامات. وإن لم تستيقظ الدولة اليوم، فغداً لن يكون لديها ما تدافع عنه.

 

تصريح وئام وهاب ليس موقفاً سياسياً عابراً. بل هو إنذار واضح بأن السلاح غير الشرعي لا يزال أقوى من الدولة. وإذا لم يُحاسب، فإن الرسالة التي ستصل لكل اللبنانيين والعالم هي أن لبنان دولة على الورق فقط، أمّا الواقع فمزرعة يتقاسمها السلاح والمنافع.

 

الكرامة الوطنية لا تُبنى بالخطب، بل بفرض القانون. ولبنان بحاجة ماسة اليوم إلى قضاء شجاع، وسلطة لا تساوم على كيان الدولة.