150 مليون دولار شهريًا: هل تُباع أموال اللبنانيين لتلميع أجندات سياسية؟
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري
في خضم أزمات خانقة تضرب الاقتصاد اللبناني، برزت تسريبات مثيرة كشفت عن ضغط وزراء حزب الله في الحكومة على رئيس الوزراء نجيب ميقاتي للموافقة على صرف 100 مليون دولار شهريًا من المساعدات الدولية التي أقرها مؤتمر باريس. وأفادت مصادر بأن الحزب تعهد بتقديم 50 مليون دولار إضافية شهريًا، ليصل الإجمالي إلى 150 مليون دولار تحت ذريعة "تغطية تعويضات أضرار الحرب".
هذا القرار المفاجئ يثير تساؤلات عميقة حول استخدام المال العام لتحقيق أهداف سياسية، في وقت يئن فيه اللبنانيون تحت وطأة أزمات معيشية غير مسبوقة. الخطوة قوبلت بانتقادات واسعة، واعتبرت استغلالاً فجًّا لموارد الدولة لتعزيز النفوذ السياسي لطرف واحد، على حساب مصلحة الوطن ككل.
ما يجري اليوم يؤكد أن حزب الله لم يعد يكتفي بالهيمنة العسكرية والسياسية، بل يسعى الآن لفرض سيطرته على القرار المالي للدولة. ففي ظل انهيار اقتصادي مدمر وغياب أي حلول حكومية حقيقية، تأتي هذه المطالبة بصرف الأموال لتعكس محاولة واضحة لاستغلال موارد الدولة في مشروع سياسي بعيد عن حاجات المواطنين.
على رئيس الوزراء نجيب ميقاتي اتخاذ موقف تاريخي وحاسم يضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبارات سياسية. الشعب اللبناني بحاجة إلى حماية موارده الوطنية من أي استغلال قد يؤدي إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي. يجب أن تتم إدارة هذه الأموال بشفافية عبر مؤسسات الدولة الشرعية، وأن تُوجّه لتحسين معيشة المواطنين كافة، لا لخدمة أجندات تعزز نفوذ جهة واحدة على حساب الوطن.
لبنان يواجه اختبارًا وجوديًا، وما يحدث الآن يتجاوز كونه مجرد خلاف سياسي أو إداري. إنها معركة على مستقبل الدولة ومصير أجيالها القادمة. إذا استمر الصمت أمام هذا النهج، فإن البلاد قد تنزلق إلى مرحلة يصعب العودة منها.
الشعب اللبناني يستحق دولة تضع حاجاته ومعاناته في الأولوية، وليس سلطة تُستخدم لتلميع صور سياسية أو تعزيز أجندات ضيقة. اللحظة تتطلب وقفة وطنية جادة لإنقاذ ما تبقى من لبنان الذي نحلم به جميعًا.