نعيم قاسم والجيش اللبناني: هجوم حزب الله على رمز السيادة الوطنية
بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم
في تصريحاته الأخيرة، لم يخفَ الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، انتقاده للجيش اللبناني ومحاولته توجيهه لتلبية أجندة الحزب بعيدًا عن المصلحة الوطنية. عبر تصريحات نارية، دعا قاسم الجيش للتحرك وفق إرادة حزب الله في مواجهة "الخروق" المزعومة لليونيفيل، وخصّ بالذكر ألمانيا، متجاهلاً بذلك أن الجيش اللبناني هو مؤسسة وطنية جامعة تعمل ضمن إطار الدولة اللبنانية وسيادتها، وليس وفق إرادة حزب أو فصيل بعينه.
ازدواجية الخطاب: من يحمي السيادة حقًا؟
يثير قاسم قضايا سيادة لبنان في كل مناسبة، مستخدمًا شعارات الوطنية، ولكنه في الوقت نفسه يحاول تقويض دور الجيش اللبناني كرمز لهذه السيادة، وهو الجيش الذي يمثل جميع اللبنانيين ويدافع عن الوطن. ففي الوقت الذي يعلن فيه قاسم أن "زمن الهزائم ولى وجاء زمن الانتصارات"، يغفل تمامًا عن حقيقة أن لبنان يعيش اليوم في ظل انهيار اقتصادي واجتماعي غير مسبوق، ساهمت فيه سياسات حزب الله التي حولت البلاد إلى ساحة صراع إقليمي. أليس من الأجدى أن يعمل قاسم وحزبه على دعم الجيش اللبناني، بدلاً من إملاء الشروط عليه وإضعافه؟
التناقض في الدعوات لحماية السيادة: الجيش أم حزب الله؟
عندما يطالب قاسم الجيش اللبناني بتوضيحات حول "الخروق البحرية" ويشكك في قدراته الدفاعية، فإنه بذلك يضعف الثقة الشعبية بمؤسسة الجيش ويفتح المجال لتساؤلات لا تخدم إلا حزب الله، الذي يسعى منذ سنوات إلى إضعاف الدولة وإحلال "جيش المقاومة" محل الجيش الوطني. ولعل تصريحاته الأخيرة عن جاهزية "عشرات الآلاف من المقاتلين" في الحزب تكشف عن رؤية خفية: يريد قاسم أن يكون حزب الله هو الحامي الوحيد للسيادة، بينما يظل الجيش في ظله أداة لتنفيذ رغبات الحزب.
حزب الله والسيادة المزعومة: لمن الولاء؟
كثيراً ما يتحدث قاسم عن الولاء للبنان، لكن أفعاله وتصريحاته تُظهر أن الحزب يستمد توجهاته من مصالح خارجية. حديث قاسم عن "حماية السيادة" يبدو فارغاً حين يقترن بتجاهل دعم الدولة والجيش الذي يمثل إرادة الشعب اللبناني، وليس الولاء لقوى إقليمية. وفي ظل هذا السياق، يظل اللبنانيون يتساءلون: لمن ولاء الحزب حقًا، وللبنان أم لأجندات إقليمية؟
ختامًا، على اللبنانيين أن يسألوا أنفسهم: من يحميهم حقًا؟
إذا كان حزب الله جادًا في دعم السيادة اللبنانية، فعليه أن يدعم مؤسسة الجيش كممثل حقيقي للشعب اللبناني، بدلاً من محاولة فرض سيطرته عليها. إن الطريق الوحيد لحماية لبنان هو دعم جيشه الوطني، كقوة جامعة تعبر عن إرادة كل اللبنانيين، لا إرادة طرف واحد يدين بالولاء لقوى خارجية.