طوني فرنجية: رسالة نصح من بيتٍ قدّم الشهداء — كن على قدر الاسم
خاص مراسل نيوز

طوني،
أنت لم تُولد في فراغ. أنت ابن بيتٍ سياسي عريق، بيتٌ حمل الأعباء، واجتاز المحن، وقدم شهداء — تلك الدماء لم تكن عبثًا، ولا ذريعةً للمزايدة، بل عهدٌ ومسؤولية. تاريخ آل فرنجية لم يُكتب بالصدفة: له فصول مجدٍ وفصول ألم — ومن بين صفحات الألم ثمنٌ باهظ دفعته العائلة لمواقفها وسنواتها.
الناس في زغرتا وفي سائر لبنان لا يطالبونك بالبراءة من اسمك، بل يطالبونك بأن تكرّس هذا الاسم لخدمة الوطن لا لخدمة حساباتٍ ضيقة. إن كانت صورة جدّك وسلفك تُمثّل الوفاء بأسسٍ وقيم، فلتكن أنت ترجمةً عملية لذلك الوفاء — لا استنسالاً لوجوهٍ جديدة تُعيد إنتاج نفس النظام.
نصيحة واضحة ومباشرة — ما الذي يجب أن تفعله الآن؟
1. اعلن برنامجك العملي والشفاف
قدّم جدولاً زمنياً علنياً لمبادراتك البرلمانية: ماذا تريد أن تغيّر؟ ما قوانينك، وما مشاريعك الاجتماعية والاقتصادية في دائرة زغرتا؟ الإفصاح الواضح يقطع الطريق أمام أي شكوك.
2. كشف التحالفات والمصالح
أعلن سياساتك تجاه أي تحالفات إقليمية أو محلية قد تؤثر في مصالح ناخبيك. إذا كانت مصالح البلد أولاً، دع الناس تعرف كيف تحميها وتضع حدودًا لأي تأثير خارجي أو صفقةٍ مريبة. الشفافية ليست ضعفاً بل قوّةٌ سياسية تكمّل الإرث.
3. موقف واضح من ملفات الفساد والمحاصصة
لا يكفي الكلام العام عن “مصلحة المواطن”. سمِّي ملفات التوظيفات المشبوهة، العقود التي تثير جدلاً، وادعم قوانين تحصن الممارسة العامة من تضارب المصالح. إن أردت أن تكون مختلفًا، فارفض صفقات المحسوبية علنًا.
4. التوبة السياسية ليست من عار، بل من حكمة
إن وجدت ممارسات سابقة داخل الحلبة السياسية للعائلة أو التيار لا ترتقي لمستوى الشفافية التي تعِد بها، اعترف بذلك وفتح صفحة جديدة. الجمهور يقدّر من يعترف بالخطأ ويُصلِح. التاريخ يحترم من يصنعُ مصالِح الناس لا حساباته.
5. اجعل دماء الشهداء درساً لا شعاراً
شهادات آل فرنجية — والذاكرة المؤلمة لـمجزرة إهدن — ليست ورقة ضغط تُستخدم بحسب المزاج السياسي. هي عهدٌ أن لا تُستثمر التضحيات في صراعاتٍ صغيرةٍ تضرّ بالمجتمع. احمِ الذاكرة بتصرفاتٍ حامية للمصلحة العامة.
الوقت الذي تكترث فيه الجماهير للوجوه فقط قد ولّى. لا تجعل اسم العائلة درعًا يخفي ممارسةً تُشبه ما انتقدتموه يومًا. إن اختارت القواعد أن ترى تكرارًا للسياسات القديمة تحت ستار التجديد، فستتبدّل الإعانة بدعوةٍ للاستبدال. مسابقات الثقة في الديمقراطية لا تُربح إلا بالمصداقية والعمل.
طوني — الفرصة أمامك الآن لتثبت أنك ابن عهد، لا نسخةً عنه. لتكن الخطوة الأولى إعلان الشفافية، العمل على قوانين تحمّي المواطن من المحاصصة، ومواقفٍ واضحة لا تترك مجالاً للشك. إن فعلت، سيقف معك الشعب — وإن لم تفعل، فالتاريخ لن ينتظر ليوجِب الحساب.