طرابلس تُحاكم رئيس حكومتها: أين العدالة من قتلة الأبرياء؟
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري
دولة رئيس الحكومة، ابن طرابلس الذي حمل على عاتقه تمثيل مدينته ووطنه، يجد نفسه اليوم أمام ملف خطير لا مجال فيه للصمت أو المواربة. طرابلس، المدينة التي دفعت ثمن الصراعات السياسية والأمنية على مر السنين، تتجرع مجددًا مرارة الظلم بسبب التخاذل في محاسبة المتورطين بجريمة تفجير مسجدَي التقوى والسلام في 21 أغسطس (آب) 2013.
الهجوم الإرهابي الذي استهدف مصلين أبرياء خلال تأديتهم لشعائرهم الدينية أودى بحياة 51 شهيدًا، وخلّف أكثر من 500 جريح. القضاء اللبناني لم يتوانَ عن اتهام الاستخبارات السورية بالوقوف وراء هذه الجريمة النكراء، وعلى رأس المتورطين علي مملوك، الذي صدرت بحقه مذكرات توقيف دولية. ومع ذلك، ورغم مرور أكثر من عقد على هذه الفاجعة، لا يزال مملوك طليقًا، يعيش داخل الأراضي اللبنانية وفق مصادر مؤكدة، محميًا من جهات أمنية وسياسية بدلاً من أن يُحاسب أمام القضاء.
دولة الرئيس، إذا كانت الحكومة غير قادرة على ملاحقة ومحاسبة المتورطين، فليكن لديك الشجاعة لمصارحة اللبنانيين، وبالأخص أبناء طرابلس. العدالة ليست خيارًا، بل واجب تفرضه دماء الشهداء وحقوق الضحايا. كل يوم يمر دون محاسبة يزيد من الجراح ويعمّق أزمة الثقة بين الدولة وشعبها.
تسهيل اختباء شخصيات مطلوبة دوليًا مثل علي مملوك لا يهدد فقط العدالة في لبنان، بل يعرض البلاد لعقوبات دولية محتملة، ويبعث برسائل سلبية حول قدرة الحكومة على فرض سيادة القانون. الأهم من ذلك، أن حماية هؤلاء المطلوبين تمثل عبثًا بأمن لبنان واستقراره، وتضع الدولة في مواجهة مباشرة مع شعبها، خصوصًا أبناء طرابلس الذين فقدوا ذويهم وأحبابهم في هذه الجريمة المروعة.
أبناء طرابلس لن يقبلوا بالسكوت أو التسويف. هذه القضية ليست مجرد ملف سياسي أو أمني، بل اختبار لمصداقية الحكومة في تنفيذ العدالة. إذا استمر هذا التخاذل، فإن طرابلس لن تصمت، ولن تقبل أن تبقى دماء أبنائها وقودًا لمصالح سياسية أو تفاهمات أمنية.
دولة الرئيس، الكرة في ملعبك. طرابلس لا تحتاج إلى خطابات ووعود، بل إلى أفعال جريئة تؤكد أن الدولة اللبنانية قادرة على حماية أبنائها وتحقيق العدالة. إن عجزت عن التحرك، فلتعلن ذلك بوضوح، لأن طرابلس لن تنسى ولن تغفر.