جلسة 5 أيلول: لبنان أمام امتحان السيادة الأخير
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

في الخامس من أيلول يجتمع مجلس الوزراء اللبناني لمناقشة خطة قيادة الجيش لحصرية السلاح بيد الدولة. الجلسة تأتي بعد أسابيع من مداولات ومخاوف من مقاطعة وزراء «الثنائي الشيعي». تدخل رئيس الجمهورية أنقذ النصاب، لكن السؤال الأهم باقٍ: هل ستتحول الجلسة إلى محطة تاريخية نحو استعادة القرار السيادي، أم إلى محطة إضافية لتأجيل مواجهة لا مفر منها؟
الخطة: وُضعت بتكليف رسمي من رئاسة الجمهورية، وتؤكد على حصرية السلاح بالدولة قبل نهاية العام.
موقف الثنائي: القبول بالنقاش، مع رفض أي جدول زمني مُلزِم، بحجة فقدان الميثاقية خلال الجلسات السابقة.
الموقف الرئاسي الحكومي: الإصرار على إدراج الخطة كبند أساسي في جدول الأعمال، وترك آلية التنفيذ للجيش.
التوازن الدولي: المجتمع الدولي يعتبر حصرية السلاح شرطاً لدعم لبنان، فيما يُستخدم التأجيل كذريعة لاستمرار السلاح خارج سلطة الدولة.
الجيش كاختبار سيادي: تكليف الجيش ليس تفويضاً إدارياً فقط، بل اختبار حقيقي لمدى قدرة الدولة على فرض سلطتها عبر مؤسسة تحظى بإجماع داخلي ودعم خارجي.
استراتيجية «كسب الوقت»: رفض الجدول الزمني يعكس رغبة الثنائي بتحويل الزمن إلى أداة سياسية، ما يعني أن التنفيذ الفعلي قد يبقى معلقاً إلى أجل غير مسمّى.
البُعد الإقليمي: ملف السلاح مرتبط بالصراع مع إسرائيل وبالمعادلة الإيرانية – العربية. أي قرار داخلي سينعكس على موقع لبنان في هذه المعادلة.
المصداقية الدولية: استمرار الغموض يهدد بتراجع الدعم المالي والسياسي للبنان، في وقت يمر بأزمة اقتصادية غير مسبوقة.
السيناريوهات المطروحة لجلسة 5 أيلول
سيناريو التوافق المشروط: إقرار الخطة من حيث المبدأ، مع ترك التنفيذ للجيش بلا جدول زمني. (الأكثر ترجيحاً).
سيناريو التعطيل المقنّع: دمج البند في استراتيجية دفاعية شاملة، ما يعني فتح حوار طويل يفرغ القرار من مضمونه.
سيناريو الانفجار السياسي: انسحاب أو تعطيل من جانب الوزراء الشيعة، ما يعيد الأزمة إلى نقطة الصفر ويضرب هيبة الحكومة.
الخيارات المتاحة أمام صُنّاع القرار
اعتماد خطوات تدريجية واضحة: حتى دون جدول صارم، يجب تحديد معالم عملية تدريجية تمنح الخطة مصداقية.
تثبيت دور الجيش: توفير غطاء سياسي ومادي للجيش ليبقى الجهة الوحيدة المؤهلة لإدارة الملف.
تفعيل الدعم العربي والدولي: إشراك الشركاء العرب والدوليين في متابعة تنفيذ الخطة لضمان التزام الأطراف.
توحيد الخطاب الداخلي: التعامل مع حصرية السلاح كـ مصلحة لبنانية قبل أن تكون مطلباً خارجياً.
للحكومة اللبنانية: لا تكتفي بإنقاذ الجلسة شكلياً، بل تُلزم نفسها بخطوات ملموسة تعيد الاعتبار للدولة.
للرئيس والجيش: الحفاظ على استقلالية القرار العسكري مع إدارة ذكية للتوازنات السياسية.
للدول العربية والداعمين: الضغط لتسريع تنفيذ الخطة ودعم الجيش، مع ربط أي مساعدات بوضوح مسار السيادة.
جلسة 5 أيلول ليست مجرد اجتماع وزاري. إنها امتحان سيادة: إما أن تُترجم الدولة التزامها بحصرية السلاح إلى خطوات عملية، أو تكرّس نفسها كدولة مؤجلة القرار. لبنان لا يملك ترف الوقت، وكل تأجيل إضافي سيكون على حساب مصداقيته ومكانته ودوره في الإقليم.