عذرًا طرابلس… أبناؤكِ خذلوكِ!
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

عذرًا يا مدينة العلم والعلماء، يا حاضنة التاريخ والحضارة، يا مهد النضال والكرامة. كنا نظن أن من خرجوا من رحمكِ، من تربّوا في أحيائكِ وشربوا من مائكِ، سيحملون أمانتكِ، لكنهم خذلوكِ كما لم تُخذل مدينة من قبل.
ليست مصادفة أن تكون طرابلس اليوم أفقر مدينة على البحر المتوسط، وليست مجرد أزمة اقتصادية جعلتها ساحة للبطالة والانهيار. ما تعيشه طرابلس ليس نتيجة إهمالٍ عابر، بل عملية منظمة من التجويع والتهميش، شارك فيها من صعدوا باسمها إلى المناصب، ثم أداروا لها ظهورهم.
هذه المدينة التي كانت منارة العلم والفكر، التي أنجبت قادة في الاقتصاد والسياسة، لم ينصفها أحد. لم تكن تنتظر صدقات من أحد، بل كانت تنتظر أن يعيد لها أبناؤها بعضًا مما أعطتهم. لكنها لم تجد سوى الخذلان، والمتاجرة باسمها، والمزيد من الأكاذيب.
أين أموال الإعمار التي وُعدت بها طرابلس؟ أين المشاريع التي سمعنا عنها في كل انتخابات؟ أين التنمية التي بُنيت على أساسها الخطابات الرنانة؟ الحقيقة المؤلمة أن من وعدوا بالنهوض بها، هم أول من ساهموا في انهيارها، لأن مصلحتهم كانت في بقائها ضعيفة، فقيرة، خاضعة.
السياسيون الذين حملوا اسم طرابلس لم يُدافعوا عنها، ولم يحفظوا كرامتها. استخدموها جسرًا للوصول إلى السلطة، ثم تركوها غارقة في الفقر والتهميش، بينما هم يتنقلون بين القصور الفاخرة والمكاتب الفارهة، يتحدثون عن الإصلاح، ولا يقدمون سوى المزيد من الخداع.
عذرًا طرابلس… لكنكِ لن تموتي
رغم كل هذا، ستبقى طرابلس مدينة صامدة، ستنهض رغم أنف من أراد لها السقوط، وستحاسب يومًا كل من استغلها وخذلها. فالتاريخ لا يرحم، والحق لا يموت، وأهل هذه المدينة لن يظلوا صامتين إلى الأبد.
عذرًا طرابلس، فأبناؤكِ لم يكونوا على قدر الأمانة… لكن يوم الحساب قادم، ولا خيانة تدوم إلى الأبد!