الجيش اللبناني ليس بوابة إلى إسرائيل: اتهام نعيم قاسم خيانة وطنية أم إعلان حرب على الدولة؟

بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

الجيش اللبناني ليس بوابة إلى إسرائيل: اتهام نعيم قاسم خيانة وطنية أم إعلان حرب على الدولة؟

في تصعيد صادم وغير مسبوق، أطلق نعيم قاسم، الزعيم الجديد لحزب الله، تصريحًا يُعد أخطر من أي صاروخ وُجه نحو إسرائيل، إذ قال بالحرف:

> "لن نسلم سلاحنا إلى إسرائيل. لن تأخذ إسرائيل أسلحتنا منا."

في ظاهر العبارة يتحدث عن "العدو"، لكن ما وراء الكلمات يُسجل أخطر اتهام غير مباشر في تاريخ لبنان الحديث: أن الجيش اللبناني، ومؤسسة الرئاسة، والحكومة الشرعية، باتوا في نظر "حزب الله"... أذرعًا للعدو الإسرائيلي.

 عندما تصبح الدولة عدوًا: كيف انقلبت المفاهيم؟

هذا التصريح، إذا لم يتم التصدي له رسميًا وشعبيًا، فإنه يكرّس عرفًا بالغ الخطورة: أن كل من يطالب بحصرية السلاح في يد الجيش، وكل من يدافع عن الدولة، وكل من يرفض السلاح غير الشرعي... يُتهم بالعمالة والخيانة.

هل يُدرك نعيم قاسم خطورة ما قال؟ هل يعلم أن اتهام مؤسسة الجيش، التي تحظى بدعم أممي وأميركي وفرنسي وخليجي، بأنها أداة إسرائيلية، يُشكّل تهديدًا لشرعية لبنان الدوليّة نفسها؟

 تحريض على الانقسام… على الدم

في بلد ينزف من الطائفية، وفي وقت يعيش اللبنانيون على حافة الجوع والانهيار، يخرج من يفترض به أن يكون مسؤولًا سياسيًا ليُحرّض ضد مؤسسة الجيش؟ المؤسسة الوحيدة التي لا تزال متماسكة وسط الانهيار؟

هل نسينا أن الجيش اللبناني هو من واجه داعش، وحرّر الجرود، وقدم الشهداء، بينما حزب الله كان يُقاتل في حلب، والقصير، وفي ضواحي دمشق دفاعًا عن مشروع خارجي؟

 هذه ليست مقاومة… هذا انقلاب لغوي على الوطن

حين يصبح مطلب تطبيق اتفاق الطائف، أو نزع السلاح غير الشرعي، أو تقوية الجيش، دليل "تآمر على المقاومة"، فإننا لم نعد نتحدث عن خلاف سياسي، بل عن انفصال كامل لحزب الله عن فكرة الدولة اللبنانية.

هذه لحظة الحقيقة:

إما أن نقول بوضوح إن الجيش اللبناني خط أحمر،

أو نقبل بأن تُعامل الدولة وكأنها عدو.


 يا شعب لبنان، يا أمة العرب… من يقاتل من؟

في هذا التصريح، يُعلن نعيم قاسم نهاية اللعبة. فالمعادلة واضحة:
"من ليس معنا فهو خائن. ومن يطالب بسلاح الدولة، يُخضعنا لإسرائيل."
لكن الحقيقة العارية هي: أن من يرفض تسليم سلاحه للدولة، هو من يريد بقاء لبنان رهينة لمعادلات إيران ومرشدها، لا لشعبه ولا لدستوره.

نداء إلى الصحف، والمفكرين، والسياسيين:

هذه ليست مسألة داخلية. إنها معركة على معنى لبنان نفسه:

هل هو وطن سيد مستقل، له جيش وقرار وسيادة؟

أم مجرد جبهة قتالية تابعة لطهران، يُحكم عبر رسائل الفيديو وتخوين المؤسسات؟


إننا أمام تصريح يُعيد تعريف "الخيانة" في لبنان:

 لم تعد الخيانة هي التعامل مع العدو، بل أصبحت المطالبة بالدولة.


 إنذار سياسي:

إذا لم يُواجه هذا الاتهام برد رسمي صارم، فإن حزب الله يكون قد أخرج نفسه من المعادلة الوطنية، وجعل من السلاح المسروق من الدولة سلاحًا موجهًا ضدها.

لا نريد حربًا أهلية، لكن من يزرع الخوف ويصادر الوطنية، هو من يدفع لبنان إلى جحيم جديد.