إيران... «صهر» واشنطن وتل أبيب الذي يطلق نيرانه على الخليج فقط!

بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

إيران... «صهر» واشنطن وتل أبيب الذي يطلق نيرانه على الخليج فقط!

رغم خطابات العداء المتبادل بين إيران وأميركا، ورغم التصعيد الكلامي المتكرر بين طهران وتل أبيب، فإن الصواريخ حين تُطلق لا تسقط على نيويورك أو تل أبيب، بل تهبط على الدوحة والبحرين.

هذا ليس خطأً في الإحداثيات، بل خيانة واضحة في النيات.

 

في لحظة فارقة من الصراع المتفجر، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترمب على منصته المفضلة تروث سوشيال ليُعلن بكل بساطة أن إسرائيل وإيران اتفقتا على وقف شامل لإطلاق النار!

"12 ساعة وتنتهي الحرب"، قالها ترمب وكأنه ينهي مباراة استعراضية لا حربًا دموية كادت تجرّ المنطقة إلى الجحيم.

 

لكن لحظة!

مَن دفع الثمن قبل "هدنة الأصدقاء" هذه؟

 

الإجابة موجعة: قطر.

نعم، الدولة الخليجية التي سعت منذ سنوات لبناء علاقات مرنة مع طهران، والتي نأت بنفسها عن صراعات المحاور، واحتضنت قاعدة العديد الأميركية لأسباب دفاعية، استُهدفت بشكل مباشر بصواريخ إيرانية.

 

وإذا كانت الصواريخ الإيرانية سقطت داخل قاعدة أميركية، فالسؤال الحقيقي هو:

لماذا لم تطلق إيران صواريخها على القواعد الأميركية في إيطاليا أو ألمانيا أو حتى الأردن؟

ولماذا لم نسمع عن أي رشقة نارية على تل أبيب أو حيفا؟

 

الجواب قد لا يعجب البعض:

لأن إيران، مهما علا صراخها، تعرف جيدًا من هم خصومها الحقيقيون، ومن هم حلفاؤها في الظل.

 

 

 إيران وتل أبيب... «خناقة عائلية» لا حرب وجود!

 

لعبة "الشيطان الأكبر" و"محور المقاومة" انتهت صلاحيتها.

فما رأيناه مؤخرًا يؤكد أن المواجهة بين إيران وإسرائيل تشبه شجار الزوجين أكثر مما تشبه حرب وجود.

يتبادلون الشتائم، يتوعدون، لكنهم يتفقون على من يدفع الفاتورة: دول الخليج، ثم شعوب المنطقة!

 

هل تعلم أن القاذفات الأميركية التي ضربت المواقع النووية في إيران انطلقت من الأراضي الأميركية مرورًا بجزيرة غوام؟

لا من قطر، ولا من البحرين.

 

فلماذا كان الرد الإيراني على قاعدة في الدوحة؟

أليس هذا تأكيدًا أن إيران ليست في حالة حرب مع أميركا بقدر ما هي تستخدم الخليج ككيس ملاكمة تتدرب عليه قبل أن تخرج لعرض القوة؟

 

في لبنان، حيث تُرفع شعارات "الموت لأميركا"، وحيث نعيش على إيقاع خطب "الممانعة"، علينا أن نتوقف لحظة.

كيف نفسر أن صواريخ إيران لم تمسّ "العدو الصهيوني" لكنها استهدفت أرضًا عربية مسالمة؟

 

هل صار الخليج "العدو" الجديد؟

أين بيانات الإدانة؟

أين الغضب اللبناني والعربي من استخدام أراضٍ عربية لتصفية حسابات لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟

 

حتى قطر، التي احتفظت بعلاقات "مرنة" مع طهران، نالت نصيبها من نيران "الصهر الإيراني"!

 

 رسالة إلى صناع القرار: الخليج ليس صندوق بريد للصواريخ!

 

إذا كانت هناك رسالة واحدة يجب أن تُفهم من المشهد كله، فهي التالية:

كفى استهزاءً بأمن الخليج. كفى اعتبار أراضيه منصات عبور للرسائل الدموية.

 

دول الخليج، برمتها، من السعودية إلى الإمارات إلى قطر والبحرين والكويت وعُمان، باتت أمام خيار واحد لا ثاني له:

إما بناء استراتيجية أمنية ذاتية، عابرة للمجاملات والمحاور،

أو الاستعداد للمزيد من "الضربات الصديقة" من طهران... في توقيت مناسب لترمب، وهادئ لتل أبيب.

 

إيران ليست عدوًا للغرب، بل شريك تفاوض دائم، وصهر غير معلن في تحالفات المصالح.

وإن لم تُراجع الأنظمة العربية حساباتها، فستبقى ساحاتنا مسارح لتسويات الآخرين، وجثث شعوبنا قرابين لتوازناتهم.

 

فاحذروا... الصواريخ القادمة قد تحمل توقيعًا إيرانيًا، ولكن برعاية أميركية وصمت إسرائيلي.