من يهدد السلم الأهلي؟ ردّ على إبراهيم الأمين: الدولة ليست مزحة... والسلاح ليس خطًا أحمر

بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

من يهدد السلم الأهلي؟ ردّ على إبراهيم الأمين: الدولة ليست مزحة... والسلاح ليس خطًا أحمر

في مقالته الأخيرة المعنونة بـ "عدوى جنون ترامب ونتنياهو تصيب لبنانيين: من يمزح بقصة نزع سلاح المقاومة؟"، ذهب الزميل إبراهيم الأمين إلى أقصى درجات التخوين، مُصوّرًا أي حديث عن سلاح حزب الله كدعوة لحرب أهلية، أو انبطاح أمام أميركا وإسرائيل، أو جنون جماعي.

 

ولكن السؤال الأهم: من هو حقًا الذي يجرّ لبنان إلى الحرب؟ من يطالب بالدولة؟ أم من يهددها من داخلها؟

 

بين المقاومة… والدولة

 

نحن لا ننكر أن للمقاومة دورًا تاريخيًا في تحرير الجنوب، ولكننا نسأل اليوم سؤالًا سياديًا بسيطًا: هل يجوز أن يبقى في البلاد سلاح غير شرعي، يتخذ القرار عن الجيش، ويخضع لمصالح خارجية؟

 

الزميل إبراهيم الأمين لم يجب عن هذا السؤال. بل اختبأ خلف لغة تحريضية، صبّ فيها جام غضبه على رئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس الجمهورية، وكل من طالب بمناقشة ملف السلاح على طاولة الدولة.

 

منطق التخوين لا يُبني دولة

 

حين يتحول النقاش السياسي إلى منصة تخوين مجانية، فإننا لا نحمي المقاومة، بل نحطم أي أمل في التفاهم الوطني.

 

حين يُصوَّر رئيس الحكومة على أنه وكيل السفارات، فقط لأنه تمسك بالدستور…

حين يُتهم اللبناني بأنه "أداة لأميركا" لأنه قال: نريد سلاحًا بيد الدولة فقط…

فنحن أمام أزمة أخلاقية قبل أن تكون سياسية.

 

الصحافة ليست ساحة للمناورة بالشرف الوطني.

ولا المقاومة تعني فوقية على الدولة.

ولا السلاح حق مكتسب لمن يشاء.

 

من يرفض الحوار هو من يُهدد الاستقرار

 

الذين يرفضون حتى طرح ملف السلاح للنقاش، هم من يُدخل لبنان في المجهول. من يملك سلاحًا يجب أن يتحاور لا أن يُملي.

ولا أحد – لا في الحكومة ولا في الرئاسة – دعا لنزع السلاح بالقوة، بل دعا لحوار، لوضع السلاح ضمن منظومة دفاع وطنية شرعية، يكون فيها الجيش هو القرار.

 

فهل هذا جنون؟

أم أن الجنون هو أن تُمنع الدولة من حماية نفسها، باسم "المقاومة" التي تحولت إلى سلطة فوق القانون؟

 

الدولة ليست عدوًا

 

لبنان اليوم على مفترق طرق:

إما دولة يسود فيها القانون، أو دويلات تفرض فيها البنادق رأيها.

إما مؤسسات تعيد الثقة، أو فوضى تُنهك المواطن.

والذين يقاتلون من أجل هيبة الدولة ليسوا خونة، بل هم أمل هذا الوطن.

 

خلاصة: هذا زمن الحسم

 

نقولها للزميل إبراهيم الأمين، ولكل من يلوّح بالسلاح في وجه المطالبين بالدولة:

لبنان لا يُبنى بالتخوين، ولا تُصان كرامته بسلاح لا تملكه مؤسساته.

من يريد الخير لهذا الوطن، فليجلس إلى طاولة الدستور، لا طاولة البارود.

وإذا كانت الدولة "مزحة" في نظركم، فاعلموا أن من يضحك اليوم على هيبتها، سيبكي غدًا على ما تبقى من ترابها.