من سرق الدولة ؟ … ومن يحكم الشعب؟
بقام رئيسة التحرير ليندا المصري
في لحظةٍ تُشبه توقّف الزمن فوق حافة الهاوية، يعيش لبنان اليوم أخطر مرحلة في تاريخه الحديث. ليس لأن الأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية تتراكم فوق بعضها كركام مدينةٍ مهدّمة فحسب، بل لأن الحقيقة نفسها باتت جريمة… ومن يجرؤ على قولها يعتبره البعض عدواً.
اللبنانيون لم يعودوا يسألون: متى يتحسن الوضع؟
بل يسألون: من يحكم هذا البلد؟ ومن يقرر مصير 6 ملايين إنسان؟
من الجنوب إلى بيروت، ومن قاعات القرار إلى الشارع، يبدو أن لبنان تحوّل إلى ساحة رسائل إقليمية ودولية. لكن خلف هذه العناوين الكبيرة، هناك واقع أخطر:
قوى سياسية تتصرف وكأنها “الدولة الحقيقية”، وأخرى تتصرف وكأنها “الضحية الدائمة”، فيما الشعب وحده يدفع الثمن.
في بلد طبيعي، الرئيس يضبط إيقاع المؤسسات، ورئيس الحكومة يقود السلطة التنفيذية، ورئيس المجلس النيابي يحفظ التوازن.
أما في لبنان، فالمعادلة معكوسة:
الدولة تنتظر قراراً من خارجها…
والسلطة تتصرّف وكأن الشعب هو الحلقة الأسهل للكسر.
هل يدرك المسؤولون حجم الغضب؟
اللبناني لم يعد يخاف من الفقر، لأنه عاشه.
ولم يعد يخاف من انقطاع الدواء والكهرباء، لأنه تعوّد عليه.
الخوف الحقيقي اليوم هو من الانفجار الاجتماعي… حين يشعر الناس أن لا أحد يسمعهم ولا أحد يمثلهم.
الاستقرار الداخلي لم يعد شأناً محلياً.
العواصم العربية والدولية تراقب وضعاً يقترب من نقطة اللاعودة.
ومع كل خطوة خاطئة في الداخل، يتراجع الدعم، وتتسع العزلة، ويخسر لبنان مَن تبقّى من حلفائه.
لبنان ليس ورقة في مفاوضات إقليمية.
وليس صندوق بريد لصراعات الآخرين.
وليس مزرعة شخصية تُدار بالمصالح والولاءات.
لبنان دولة… أو كان كذلك.
وإما أن يُعاد إنقاذه الآن، أو يكتب تاريخه بيد أخرى غير يده.
الشعب اللبناني لم يعد ينتظر خطاباً ولا بياناً ولا وعداً.
الشعب يريد شيئاً واحداً فقط:
من يعيد الدولة إلى الدولة.
لأن الحقيقة المُرّة التي يخشاها الجميع هي التالية:
إذا لم يتحرك المسؤولون اليوم…
قد يستيقظ العالم قريباً على لبنان آخر… مختلف… وغاضب… ولا يمكن السيطرة عليه.