إعلان التمرد الشعبي: لبنان يرفض الحرب… ويأمر بالسلام

بقلم عبد الحميد عجم

إعلان التمرد الشعبي: لبنان يرفض الحرب… ويأمر بالسلام

في لحظة هي الأخطر منذ عقود، يقف الشعب اللبناني ليقول جملة لم يجرؤ أحد على قولها بوضوح:

انتهى زمن الصمت… وبدأ زمن التمرد الشعبي.

لقد تعب اللبنانيون من أن يكونوا الورقة، والذريعة، والدرع، وجدار الصدمات في صراع لا ينتهي بين قوى داخلية وخارجية تتعامل مع البلد كأنّه مساحة مستباحة لا وطنًا حيًّا من لحم ودم.

تعبوا من الحروب التي تُصنع في الخارج وتُنفّذ في الداخل.

تعبوا من معادلات لا تشبههم، ومن “رجال قرار” لا يسألون الناس قبل أن يزجّوا بهم في محرقة جديدة.

ولأننا ذلك الشعب الذي حمل الوطن على كتفيه حين فرّ الجميع، ووقف في وجه الجوع والانهيار والزلازل الاقتصادية، نقولها اليوم بوضوح استثنائي:

الشعب اللبناني يرفض الحرب… ويأمر بالسلام.

منذ نصف قرن، الحرب والسلام في لبنان تقرّرهما غرف مغلقة:

أحزاب، زعماء، عواصم، طاولات تفاوض، وكلها بلا اسم الشعب ولا توقيعه.

لكن اليوم، لم يعد هذا الشعب مستعدًا أن يُدار كرقم، أو يُستخدم كوقود، أو يُقدَّم كقربان لمعادلات إقليمية.

اليوم يخرج الناس ليقولوا:

لا حرب تُفرض علينا… ولا سلام يُفرض لنا. نحن نقرر.

لبنان ليس خط تماس بين إيران وإسرائيل.

ولا ساحة لرسائل واشنطن وهافانا وبروكسل.

ولا مخزن صواريخ، ولا منصة تهديدات، ولا مساحة فراغ تملؤها العواصم بالدماء.

لبنان وطن.

وشعبه ليس ملزمًا أن يعيش بعقلية “الخط الأمامي” ولا بدور “الدرع البشري”.

لقد دفعنا ثمن كل رصاصة، وكل حدود مشتعلة، وكل تسوية فاشلة.

والشعب—لا أي قوة—هو الوحيد الذي يملك الشرعية ليحدد مستقبل البلد

هذه ليست تهديدًا، بل حقيقة سياسية:

أي جهة، أي طرف، أي سلاح، أي زعيم…

يحاول جرّ لبنان إلى حرب جديدة من دون قرار شعبي واضح،

فهو يقف خارج الشرعية الوطنية، مهما كان خطابه ومهما كانت قوته.

لا أحد فوق الشعب.

لا أحد أعلى من الدولة.

ولا أحد يملك حق التضحية بأرواح اللبنانيين لحساب أجنداته.

السلام ليس ضعفًا.

السلام ليس استسلامًا.

السلام ليس هدية من الخارج.

السلام هو قرار شعب بأكمله يريد الحياة، التعليم، الأمن، الاستقرار، العمل، المستقبل…

سلام يوقف الانهيار، يوحّد المؤسسات، يعيد للدولة هيبتها، وللناس كرامتهم.

الشعب يطالب بالسلام—لا لأنّ الحرب مؤلمة، بل لأنّ الحياة حقّ مقدّس لا يمكن أن يُنتزع باسم أي شعار.

اليوم، يدخل لبنان فصلًا جديدًا من تاريخه:

فصل لا يكتبه السياسيون، ولا الأحزاب، ولا القوى الخارجية.

بل يكتبه الناس—الذين عرفوا أن بقاءهم أهم من مَنصب، أهم من سلاح، أهم من حسابات دول.

وهذا هو الزلزال الحقيقي:

أن يعلن الشعب تمرّده السلمي على كل المعادلات المفروضة عليه،

وأن يرفع شعارًا واحدًا:

لا حرب دون الشعب… ولا سلام دون الشعب… ولا مستقبل دون الشعب.

لبنان يرفض الحرب.

لبنان يأمر بالسلام.

ومن يعارض إرادة الشعب… يعارض لبنان نفسه.