لبنان 2026: بين تمرّد الشعب… وقطيع السلطة
بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم
في بلدٍ يشبه ساحة حرب بلا قنابل، يقف اللبناني اليوم أمام سؤال مصيري:
هل سيخرج من قفص الطاعة العمياء… أم سيعود كالقطيع إلى زعيم يطعمه خبزاً مسموماً ويحرمه وطناً؟
الجواب ليس بسيطاً، ولا بريئاً…
لأنّ لبنان ليس دولة طبيعية، بل منظومة معقّدة تنسج شباكها حول المواطن، حتى يحسّ أنّ الخروج عنها موتٌ بطيء.
“السياديون” يبحثون عن حصصهم… والثنائي يبحث عن مثله
القوى التي ترفع شعار “السيادة” تمارس سيادتها فقط عند حدود مصالحها.
تتحدّث عن الدولة بينما تبني إمارات نفوذ داخل الدولة.
وأمّا حزب الله وحركة أمل، فهما يديران المعادلة بواقعية باردة:
لا يتخلّيان عن سلاحهما، ولا عن سيطرتهما، ولا عن شبكة مصالحهما التي تحكم الإدارة والاقتصاد والسياسة.
بين معسكر يبيع الشعارات، ومعسكر يبيع القوة، يبقى الوطن عملةً تُصَرَف على أبواب السفارات والطوائف.
الحكومة في لبنان ليست سلطة… بل مسرح متداعٍ.
تتخبّط بين القوى، تتكسّر بين الضغوط، تتعامل مع الدولة كما يتعامل المريض مع جهاز التنفس:
تضغط الزر… ثم تنتظر أن يبقى الهواء موجوداً.
لا رؤية.
لا قرار.
لا جرأة.
مجرد إدارة موتٍ ببطء.
2026… صندوق الاقتراع يتحوّل إلى محكمة
للمرة الأولى منذ عقود، يشعر اللبناني أنّ الانتخابات قد تكون سلاحه الوحيد.
صوتُه ليس مجرد ورقة… بل صرخة.
صرخة ضد الجوع، ضد الانهيار، ضد الظلم، ضد القهر.
لكن المشكلة أنّ هذه الصرخة قد تضيع بين:
مال سياسي يشترى به الضمير
خوف من السلاح
تبعية طائفية
ولاء عشائري
ووعود كاذبة يطلقها “زعماء” يصنعون المأساة ثم يقدّمون أنفسهم كمنقذين
هل يستطيع المواطن أن يتمرّد… وهو جائع؟
هل يستطيع أن ينتقم… وهو مهدّد؟
هل يستطيع أن يغيّر… وهو مكسور؟
السياسيون، بكل أطيافهم، يتقنون لعبة البقاء:
يشترون الولاءات، يخيفون الناس، يسيطرون على المؤسسات، ويحوّلون الدولة إلى مزرعة.
المشكلة أن الشعب، رغم غضبه، ما زال ممزّقاً:
جزء يريد التمرّد.
وجزء ما زال يعيش على فتات الزعيم.
وجزء فقد حتى القدرة على الحلم.
الانتخابات النيابية 2026 لن تكون معركة مقاعد… بل معركة مصير.
إما أن يكتب اللبناني فصلاً جديداً من تاريخه،
وإما أن يسلّم مفاتيح بلده مرّة أخرى للمنظومة التي سرقت أحلامه ودمّرت اقتصاده ودفنت أطفاله تحت ركام أكاذيبها.
الخلاصة التي لا يريد السياسيون سماعها:
إذا جاع اللبناني… لن يتمرّد.
وإذا خاف… لن يغيّر.
لكن إذا وصل إلى مرحلة لم يعد يخاف فيها من خسارة شيء،
فعندها فقط… سيتحوّل صندوق الاقتراع إلى ثورة.
هذه الحقيقة التي ترتجف منها الطبقة السياسية بأكملها.