سيادة لبنان تُباع في سوق الميليشيا: تصريح قاسم جريمة دستورية كاملة
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

في زمن تنهار فيه مؤسسات كحك الدولة اللبنانية، ويتقلّص حضور القانون إلى حدود الورق، يخرج علينا الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، ليعلنها دون تردد: القرار ليس في بيروت، بل في طهران. الحرب والسلم لا تُقرّرهما الدولة، بل الميليشيا.
في خطابه الأخير، قالها صراحة: "نحن في خندق إيران"، مؤكداً أن حزب الله "ليس على الحياد"، وأنه "سيتصرف كما يراه مناسباً" في مواجهة ما سماه "العدوان الإسرائيلي الأميركي". كلام يبدو أقرب إلى بيان حرب صادر من ضابط في الحرس الثوري الإيراني، لا من مسؤول في حزب لبناني يفترض به أن يعمل ضمن حدود الدولة.
أي دستور يسمح بهذا؟
من يقرأ الدستور اللبناني، يعلم أن حق إعلان الحرب أو السلم يعود إلى مجلس الوزراء مجتمِعًا، لا إلى فصيل مسلّح مرتبط بدولة خارجية.
ما صدر عن نعيم قاسم لا يدخل في باب حرية الرأي، بل هو:
جريمة دستورية تمس احتكار الدولة لقرار الحرب.
انقلاب على السيادة اللبنانية باسم عقيدة مذهبية سياسية.
استخدام سافر للبنان كمنصّة لحروب إيران الإقليمية.
أين الدولة؟ أين القضاء؟
أمام هذا التمادي، تُطرح الأسئلة المصيرية:
لماذا لم يُستدعَ قاسم إلى التحقيق؟
لماذا يصمت القضاء؟
أين موقف رئيس الحكومة من هذا التصريح الذي يُهدّد السيادة الوطنية مباشرة؟
إلى متى يستمر هذا الصمت الرسمي، الذي يُترجم قبولاً ضمنيًا بهذا الانقلاب المستمر؟
الدولة التي لا تُحاكم من يعتدي على قرارها السيادي، تفقد شرعيتها أمام شعبها والعالم.
صرخة في وجه الخضوع:
لبنان ليس ولاية إيرانية، ولا ميداناً لرسائل محور المقاومة.
لبنان بلد ذو سيادة، وشعبه لا يُؤخذ رهينة في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل.
إذا كانت الحرب ستُقرَّر في قمّ، فليعلنوا سقوط الجمهورية.
إن لم يتحرّك القضاء اللبناني، وإن لم تتخذ الدولة موقفًا حاسمًا، فليعلم الجميع:
ما قاله نعيم قاسم لم يكن "رأيًا سياسيًا"، بل إعلانًا بانتهاء الدولة.
السكوت عن هذا التصريح هو شراكة في بيع السيادة، وتسليم القرار الوطني لسوق الميليشيات.
سيادة لبنان ليست وجهة نظر... بل قاعدة وجود.