الإعلام الحر في خطر: عفيف وحملة حزب الله لتكميم الأفواه

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

الإعلام الحر في خطر: عفيف وحملة حزب الله لتكميم الأفواه

عفيف يهاجم الإعلام: تهديدات لتغطية فشل حزب الله في لبنان

 

في آخر مؤتمر صحفي لمحمد عفيف، مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، شاهدنا مشهداً جديداً من سلسلة محاولات الحزب لتكميم الأفواه وتخوين الصحفيين. تصريحاته لم تكن سوى جزء من حملة ممنهجة لتهديد وسائل الإعلام التي تجرؤ على كشف الحقيقة أو مخالفة الرواية الرسمية التي يروجها الحزب.

 

عفيف، الذي هاجم بشدة شبكات إعلامية مثل "mbc"، مُتَّهِمًا إياها بالتحريض، حاول تصوير نفسه وحزبه كحراس للوطنية، وكأن كل من يخالفهم في الرأي هو متآمر أو خائن. لكن الحقيقة هي أن حزب الله هو الذي يعادي الصحافة الحرة، متجاهلاً أن الإعلام هو صوت الناس وحصنهم الأخير أمام محاولات الاستبداد.

 

اتهام وسائل الإعلام بـ"التحريض على القتل" ليس جديداً، بل هو جزء من استراتيجية قديمة للحزب في مواجهة كل من يتحدث بصوت مختلف. الإعلام، بصفته السلطة الرابعة، يفضح تجاوزات الحزب وتورطه في خلق أزمات سياسية وأمنية تضر بالبلاد، وهو ما لا يستطيع الحزب احتماله. بدلاً من الرد بعقلانية، يلجأ عفيف إلى لغة التخوين والتهديد في محاولة يائسة لتشويه صورة الإعلاميين الأحرار.

 

عندما يتحدث عفيف عن "المجازر"، لا بد أن نتذكر أن حزب الله كان أحد الأسباب الرئيسية في الحروب والدمار الذي حل بلبنان. الحرب الأخيرة التي تسبب فيها الحزب أدت إلى دمار هائل في البنية التحتية، و سبب نزوح مليون و نصف من اللبنانيين ، بالإضافة إلى مقتل 2546 شخص وأكثر من 11 ألف جريح كما انه لا يزال هناك عدد من المفقودين. هذه الكوارث ليست مجرد أرقام، بل تمثل معاناة يومية يعيشها اللبنانيون بسبب السياسات العدائية لحزب الله، الذي يتبنى خطاباً يبرر أفعاله العنيفة بدلاً من البحث عن حلول سلمية.

 

ولا يمكننا نسيان المحاولات السابقة لتكميم الإعلاميين المستقلين، مثلما حدث في حالات متعددة حيث تعرض صحفيون للتهديد المباشر أو غير المباشر بسبب تغطيتهم لملفات حساسة تتعلق بالحزب. تصريحات عفيف تأتي كجزء من هذه الحملة التي تهدف إلى ترهيب الصحفيين واسكاتهم، لكنها لن تنجح.

 

حرية الصحافة في لبنان تعاني، وهذا ليس رأياً شخصياً، بل واقع تدعمه التقارير الدولية. وفقاً لتقرير مراسلون بلا حدود، تدهور حرية الإعلام في لبنان بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك جزئياً إلى الضغط المتزايد من قِبَل جهات مسلحة مثل حزب الله على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.

 

عندما يزعم عفيف أن حرية الإعلام "لا تمنح الحصانة للتحريض على القتل"، فإنه يعكس صورة واضحة لسياسة الحزب تجاه الإعلام: لا مكان للنقد أو للرأي الآخر، وكل من يختلف مع سردية الحزب هو بالضرورة متآمر. لكن الإعلام الحر لن يخضع لمثل هذه التهديدات، و سيتواصل في كشف الحقيقة مهما كانت الظروف.

 

ختاماً، في مواجهة هذه التصريحات التخوينية، يجب أن نقف جميعاً مع الصحافة الحرة، فهي العمود الفقري للديمقراطية والحرية. التهديدات والضغوط لن تثني الإعلاميين الشجعان عن أداء دورهم في كشف الحقيقة ومحاسبة من يسعون لتضليل الرأي العام. حزب الله قد يهدد ويخون، لكن الصحافة الحقيقية ستظل تنير الطريق أمام الشعب اللبناني، مدافعة عن حريته وحقه في المعرفة.