ترمب بين غصن الزيتون وسيف الحرب: هل تنفجر إيران على شواطئ العرب؟
بقل رئيسة التحرير ليندا المصري

في كواليس البيت الأبيض، تتردد أصداء قرار لم يُعلَن بعد، لكنه يُطبَخ بهدوء قاتل: هل يشنّ دونالد ترمب، الرئيس الأميركي ، الضربة التي قد تعيد إشعال الشرق الأوسط؟ أم أنه يُمارس لعبة الغموض القاتلة مع إيران، ومع العالم بأسره؟
بين يديه خياران لا ثالث لهما: إمّا قصف منشأة "فوردو" النووية الإيرانية، أو مواصلة سياسة الحافة، التي لا أحد يعرف متى تتحول إلى سقوط في الهاوية. ومع كل تسريب أميركي حول هذا الملف، يرتفع منسوب التوتر... في طهران، في تل أبيب، في بيروت، وفي كل العواصم التي تعرف أن الشرارة إذا اشتعلت، فلن تقف عند حدود إيران.
وفقًا لتقارير من موقع "أكسيوس"، فإن ترمب لا يرفض الضربة العسكرية، بل يؤجّلها، يُدرِس تبعاتها، يُناقشها خلف الأبواب، ويوازن بين المكسب السياسي والكارثة الإقليمية. فهو لا يريد أن يُسجَّل في التاريخ كالرئيس الذي ورّط أميركا بحرب طويلة أخرى في الشرق الأوسط... لكنه في الوقت نفسه، لا يريد أن يبدو ضعيفًا أمام طهران.
هنا، تكمن المعضلة: كل يوم يمرّ دون قرار، يزيد الشكّ، ويُربك الخصم، ويضع الحلفاء في مأزق. إسرائيل – شريك الظل – تدفع باتجاه القصف، بينما إيران تستعد للأسوأ، وتحذّر من خطوات "انتحارية" قد تصل إلى إغلاق مضيق هرمز، شريان النفط والغاز للعالم كله.
قد يظن البعض أن هذه المعركة أميركية – إيرانية محضة، لكن الحقيقة أبعد وأخطر. فلبنان، بتركيبته الهشة، بسلاح "حزب الله"، بتداخلاته الإقليمية، سيكون أول من يدفع الثمن إذا اشتعلت الجبهة. ويكفي أن تُقرَع طبول الحرب في طهران، حتى ترتجّ الضاحية، وتُفرَض سيناريوهات أمنية وعسكرية لا طاقة للبنان بها.
فهل نحن مستعدون؟ هل فكّرت السلطة اللبنانية – أو ما تبقّى منها – في كيف ستتعامل مع حرب كهذه؟ كيف سيُترجَم أي ردّ من "الحرس الثوري" أو أذرعه، في جنوب لبنان، أو حتى في الداخل اللبناني؟
ليس لبنان وحده، فالمعركة هنا لا تشبه العراق ولا أفغانستان. إيران اليوم تقبض على مضيق هرمز، حيث يمر 20% من النفط العالمي. والخطر الأكبر؟ أن أي ضربة لفوردو قد تدفع إيران لاتخاذ قرارات خارج العقل، خارج السياسة، وخارج المعقول. وهنا، لا تخسر أميركا فقط، بل يخسر العالم.
الصين – الشريك الاقتصادي الأول لإيران – تراقب بقلق، والخليج يتأهب، والأسواق العالمية على حافة الانهيار، في حال تحوّل التهديد إلى قصف، والغموض إلى لهب.
الحرب ليست نقية مثل الكريستال، ولا السياسة تُمارَس بألوان الأبيض والأسود. من يعتقد أن الضربة العسكرية ستكون "منظّفة" وناجحة وسريعة، هو واهم أو مغفّل. ومن يعتقد أن إيران ستنهار في ليلة، لم يقرأ تاريخ الحروب، ولا جغرافيا المقاومة.
لكن في المقابل، من يظن أن الصمت هو النجاة، يتجاهل أن العالم يقف اليوم عند أخطر مفترق طرق: ترمب يملك الزرّ، وإيران تملك أوراقًا غير متوقعة، والجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط أقرب إلى الوقود منها إلى الأرض.
لبنان ليس بعيدًا عن مركز القرار، ولا عن ساحة المعركة، حتى لو تظاهر البعض بالحياد أو الغياب. هذه ليست حربًا بين واشنطن وطهران، إنها اختبار لوعي شعوبنا، لحكمة قياداتنا، ولمستقبل منطقتنا.
ترمب قد يُطلق الرصاصة، لكن أين نحن من العاصفة؟