"تعقيدات وقف إطلاق النار في غزة: دور إيران وحزب الله في إطالة أمد الصراع"
بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري
عادةً ما تُجرى المفاوضات في سرية تامة، حيث تسعى الأطراف إلى الإعلان عن نجاحها أو تجنب لوم الفشل. ولكن في حالة مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، يختلف الوضع تماماً.
عندما طرح الرئيس جو بايدن خطته المؤلفة من ثلاث مراحل، تغيرت موازين اللعبة. كانت الولايات المتحدة تنتظر موافقة نتنياهو وحكومته، وأيضًا يحيى السنوار والفصائل الفلسطينية. في هذه الأثناء، أعلن المرشد الإيراني أن عملية السابع من أكتوبر في غزة كانت ضرورية لوقف مسار التطبيع، وأكد رفضه القاطع لوقف إطلاق النار.
بينما كانت الولايات المتحدة تنتظر رد السنوار وتغفل عن تعنت نتنياهو، تراجع الرئيس بايدن عن تصريحاته التي اتهم فيها نتنياهو بإطالة أمد الحرب لتحقيق أهداف سياسية.
حقق نتنياهو انتصاراً محدوداً بإطلاق سراح أربعة رهائن إسرائيليين من غزة، مما منحه وقتاً إضافياً على الصعيدين الداخلي والخارجي. من المتوقع أن يلقي نتنياهو خطاباً يعلن فيه هذا النصر المحدود ويُذكّر العالم بقضية الرهائن، مما سيعزز موقفه ويضعف الجهود الرامية لوقف إطلاق النار.
في ظل هذه التطورات، يجد الفلسطينيون أنفسهم في موقف صعب. تواجه الفصائل الفلسطينية تحدياً في تقديم رواية مقنعة، خاصة بعدما أبدى السنوار استجابة لتوجيهات المرشد الإيراني الرافضة لوقف إطلاق النار. وحتى لو غيّر السنوار موقفه الآن ووافق على الهدنة، فإن نتنياهو سيزيد من تصلبه بعد إطلاق سراح الرهائن.
هكذا تُهدر الفرص لحقن الدماء، خاصة في غزة، وفقاً لرؤية إيران التي تسعى لتحقيق مصالحها على حساب استقرار المنطقة.
في هذا السياق، يتضح أن المفاوضات الحالية ليست سرية، ومن السهل تمييز من يسعى حقاً لحقن الدماء وحماية القضية الفلسطينية، وهم العرب بقيادة السعودية، ومن لا يكترث لذلك، وهي إيران.
كل هذه الأحداث تجري على مرأى ومسمع من العالم والإدارة الأميركية، مما يؤكد أن إيران تعيق مساعي السلام وتزيد من معاناة الأرواح والمقدرات في المنطقة.
في هذا السياق، لا يمكن تجاهل دور حزب الله اللبناني في هذه الديناميكيات. حزب الله، المدعوم من إيران، يلعب دوراً معقداً ومؤثراً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. بينما يُظهر الحزب دعمه العلني للفصائل الفلسطينية في غزة، فإن تحركاته تتماشى دائماً مع الأجندة الإيرانية الأوسع في المنطقة.
يعزز حزب الله من نفوذه في لبنان والمنطقة من خلال استعراض قوته العسكرية وتقديم نفسه كمدافع عن القضية الفلسطينية. ومع ذلك، يظل هدفه الرئيسي هو خدمة مصالح إيران الإقليمية، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار وأمن المنطقة. تدخله المستمر في الشؤون الداخلية اللبنانية وتحالفاته مع الفصائل المسلحة في غزة تزيد من تعقيد الوضع وتقلل من فرص الوصول إلى حل سلمي.
من الجدير بالذكر أن تورط حزب الله في أي صراع جديد قد يؤدي إلى تصعيد واسع النطاق، نظراً لقدراته العسكرية وتحالفاته الإقليمية. هذا السيناريو يزيد من الضغوط على الجهود الدولية الرامية لتحقيق وقف إطلاق النار ويعقد مهمة الولايات المتحدة والدول العربية في تحقيق السلام.
بالتالي، يمكن القول إن حزب الله يشكل جزءاً لا يتجزأ من التعقيدات الإقليمية التي تؤثر على مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. دوره يضيف طبقة أخرى من التحديات أمام أي جهود تسعى إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، مما يجعل الحاجة إلى استراتيجية شاملة تشمل جميع اللاعبين الإقليميين أكثر أهمية من أي وقت مضى.