ضربة الدوحة: صاروخ إسرائيلي يهزّ أمن الخليج ويفضح الضمانة الأميركية

بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

ضربة الدوحة: صاروخ إسرائيلي يهزّ أمن الخليج ويفضح الضمانة الأميركية

لم يكن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة مجرد عملية عسكرية عابرة، بل تحوّلًا استراتيجيًا يكشف هشاشة واحدة من أقدم المسلّمات في الشرق الأوسط: أن الولايات المتحدة هي الضامن المطلق لأمن الخليج

منذ سبعينيات القرن الماضي بُني التحالف الأميركي  الخليجي على معادلة واضحة: النفط والمال مقابل الحماية. القواعد الأميركية انتشرت من البحرين إلى الكويت، فيما تحولت قاعدة العديد في قطر إلى مركز القيادة الأبرز للعمليات الأميركية في المنطقة. لكن الصاروخ الذي أصاب الدوحة في وضح النهار، على مرمى حجر من أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط، أسقط هذه الرواية بالكامل.

المفاجأة لم تكن في الضربة نفسها بقدر ما كانت في ما تلاها. إسرائيل أعلنت أنها أبلغت واشنطن مسبقًا، في صباح يوم العملية، بنيتها تنفيذ الهجوم. هذا الاعتراف يضع الإدارة الأميركية أمام معضلة حرجة:

إذا علمت وسكتت، فهي شريكة بالتواطؤ أو على الأقل منحت إسرائيل تفويضًا ضمنيًا.

وإذا علمت وعجزت عن الردع أو المنع، فهذا يعني أنها فقدت القدرة على فرض قواعد الأمن حتى في نطاق نفوذها المباشر.


في الحالتين، كانت النتيجة واحدة: الضربة لم تستهدف قطر وحدها، بل أصابت صورة واشنطن ومصداقية مظلتها الأمنية في العمق.

دول الخليج تجد نفسها الآن أمام سؤال لم يعد قابلاً للتأجيل: من يحميها حقًا؟

هل تستمر في الارتهان الكامل للمظلة الأميركية التي أثبتت عجزها أو تواطؤها؟

أم تنفتح على معادلات بديلة مع قوى كبرى كالصين وروسيا وتركيا؟د

أم تسلك الطريق الأصعب والأكثر استقلالية ببناء قدرة دفاعية ذاتية؟

إسرائيل أرادت من خلال هذه العملية أن تقول بوضوح: لا عاصمة عربية محصّنة، حتى لو كانت تحت حماية الولايات المتحدة. الرسالة ليست فقط من لحماس ولا للدوحة، بل لكل مدينة خليجية ظنت أن وجود القواعد الأميركية كافٍ لتأمينها.

الدوحة كانت الهدف العسكري، لكن واشنطن هي التي تلقت الضربة السياسية. لقد انكشف الوهم: الضمانات الأميركية لم تعد ضمانات، وأمن الخليج لم يعد حقيقة مسلّمًا بها.

من اليوم، كل دولة خليجية مطالَبة بإعادة حساباتها:ژ فالصاروخ الذي مرّ فوق الدوحة قد يكون غدًا فوق الرياض أو أبوظبي أو المنامة. والدرس واضح: لا أمن بلا معادلة جديدة، تتجاوز صفقات السلاح والشعارات، إلى واقعية تفرضها قوة الحقائق لا وعود الحلفاء.