صرخة من تحت الأنقاض: شهداء الإعلام في مواجهة آلة القمع

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

صرخة من تحت الأنقاض: شهداء الإعلام في مواجهة آلة القمع

إسرائيل تستهدف الصحافة: ثلاثة شهداء من الإعلام في غارة على فندق بحاصبيا

 

في تصعيد خطير، استهدفت غارة إسرائيلية فجر اليوم فندقًا في حاصبيا، جنوب لبنان، مما أسفر عن مقتل ثلاثة صحفيين لبنانيين كانوا يؤدون واجبهم في توثيق الصراع المحتدم على الأرض اللبنانية. إن الغارة لم تصب مجرد جدران، بل أصابت أيضًا حرية الإعلام وأخفت أصواتًا كانت تسعى لفضح أهوال الصراع ونقل الحقيقة للعالم.

 

تشير المعلومات الأولية إلى أن الغارة الإسرائيلية لم تكن ضربًا عشوائيًا، بل يبدو أنها استهدفت الفندق الذي يُعتبر مقرًا للصحفيين الناقلين لمجريات الصراع. هذا الحادث يُعد خطوة مقلقة في الحرب على الإعلام، إذ تكشف عن محاولات مبرمجة لإسكات الشهود ومنعهم من نقل الوقائع للعالم. لقد غدت الكاميرا والميكروفون أهدافًا مباشرة، في تحدٍ صارخ لقيم الصحافة الحرة وحرية التعبير.

 

اليوم، لا ينعى لبنان وحده ثلاثة من صحفييه، بل تنعي الحقيقة نفسها أقلامًا شجاعة كانت تكشف للعالم زوايا الصراع الإنسانية. وفي ظل الصمت الدولي والتجاهل الإعلامي العالمي، يُطرح تساؤل صارخ: كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يظل مكتوف الأيدي أمام جرائم ضد الصحافة؟ وهل سيستمر غض النظر عن ممارسات القمع التي تستهدف الإعلام وتخفي صوت الشهود؟

 

وفي خضم هذه الأحداث المأساوية، خرج علينا مسؤول الإعلام في حزب الله، محمد عفيف، ليصف الصحفيين بأنهم عملاء وخونة، متجاهلاً بذلك التضحيات الجسيمة التي يقدمها الإعلاميون لنقل الحقيقة. إن هذه التصريحات تزيد من حدة التوتر وتطرح تساؤلات عميقة حول مدى تحمل المجتمع للآراء المتباينة، في وقت يسعى فيه البعض لتقويض صوت الإعلام الحر.

 

إن قتل الصحفيين لا يُعد حادثة عادية في زمن النزاعات، بل رسالة تهديد لكل من يسعى للوصول إلى الحقيقة ونقلها. لكن، وكما برهنت الأحداث السابقة، سيبقى الصحفيون اللبنانيون مصرين على مواصلة دورهم البطولي في توثيق الحقائق وكشف الانتهاكات. فرغم الصواريخ والأسلحة، سيبقى صوتهم أقوى من صوت القمع.

 

اليوم، تحول حبر الصحفيين إلى دماء، لكن الحقيقة لن تصمت، وستظل حية في قلوب اللبنانيين وأقلام الصحافة الحرة. في مواجهة هذه الاعتداءات، يتوجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة ويعبر عن موقفه ضد هذه الهجمات التي تستهدف حرية التعبير، ويجب أن يتضامن الجميع لحماية الإعلاميين الذين يواجهون المخاطر في سبيل إظهار الحقيقة.