"لبنان بين التاريخ والسياسة: دعوة إلى التغيير"،
بقلم د. رودريك نوفل
كرمى لله… يا حسن يلّا
كرمى لله و شعبك يا حسن إستسلم،
كرمى لله و لبنان يا حسن إعتزل،
كرمى للإنسانية يا حسن إستقيل،
كرمى لدموع الأمهات، كرمى للأيتام، كرمى لأرواح من إستشهد…إبعد طغيانك و إرحل.
يقول كارل ماركس أن التاريخ يعيد نفسه مرتين, مرة على شكل مأساة, ومرة على شكل مهزلة. وما نعيشه و اللبنانيون الآن هو الأساة و المهزلة في آن مع بعض من العجرفة و الغطرسة و الفجور و فائضة قوّة تخطّى حدود الوقاحة.
لا يخفيَنَّ أحد أن معركة إسناد عزّة المزعومة ظهرت على حقيقتها إنها معركة السيطرة على الداخل اللبناني فقط و ترك غزّة و فلسطين و القدس المنشودة للمعاناة فقط، فالمعركة استراتيجياً و فعلياً كانت لتجدي نفعاً لو بدأ بالفعل بمساندة أهل فلسطين في اليوم التالي للحرب المفاجئة حيث أن العدو كان مربك و لم يستوعب ما يحصل من حوله مما كان سيسهّل الهجوم عليه و بالتالي يزيد فرصة ثأر لطالما إنتظرها و ناشد بها يوم رفع شعارات "يا قدس قادمون"، "زحفاً زحفاً نحو القدس" و يوم يحتفل سنوياً بيوم القدس و حيث يملأ صراخه الشوارع و الشاشات عالياً معنويات و هتافات تجيبش فارغة كالتي أطلقها هتلر و قبله وزير دعايته غوبلز الذَين ينطبق عليهما قول ماركس فبعد مأساة خسارة أوّل حرب عالمية بعد تكبد خسائر فادحة خاصةً ضد الروس عاودوا الرهان الخاسر بعد ثلاثة عقود على نفس الجبهة و كانت النهاية الحتميّة نفسها؛ مأساة و مهزلة في آن!
ألَيس أجدر قراءة التاريخ لنتعلّم كتابته؟
شهدت معركة بورودينو الشرسة، التي تقع على بعد ١١٠ كيلومترًا غرب موسكو، إنتصاراً ضيقاً للفرنسيين على الرغم من أن نابليون لم يتمكن من هزيمة الجيش الروسي ولم يتمكن كوتوزوف من إيقاف الفرنسيين و هذا يشبه الكرّ و الفرّ الذي نعيشه منذ ٧ تشرين الأوّل ٢٠٢٣ و مع احتلال الفرنسيين للمدينة، بدأ الشتاء الروسي، وأدى رفض القيصر التفاوض على السلام إلى إجبار نابليون على الانسحاب من موسكو، بعد أقل من شهر من بدء احتلاله للمدينة و نحن على بعد اقل من سنة على النصر الوهمي الذي يبيعه الحزب لجمهوره.
أمثلة التاريخ لا تنتهي لحالات مشابهة و لعل حالة اليابان ضد الولايات المتحدة هي الأكثر شبهاً حين حاولوا محاربة التكنولوجيا بالإيديولويجيا فتعابير "كاميكاز" و إقناع البعض بالإنتخار و "هاراكيري" و "القتال من أجل الشرف" أو "النصر أو الموت" جنت المصائب وفقط المصائب على اليابان حيث كانت الولايات المتحدة تستعمل "النابالم" كسلاح كاسح في الوقت التي كانت تنهي تحضير القنبلة النووية و ما إن جهزت حتى اجتمع المجلس الحربي العسكري الأميركي و قرر بالإجماع (عدا جنرال واحد) استعمال هذه القنبلة فكانت القنبلة الأولى على هيروشيما في السادس من آب ١٩٤٥ التي قسمت الجيش الياباني إلى جزئين أحدهما استسلم و الآخر قرر الصمود رغم المعاناة و الموت فما كان من أميركا إلّا إستعمال قنبلة ثانية بعد ثلاثة أيام وحّدت آراء الجيش الياباني حول الإستسلام و انقاذ ما تبقى من اليابان لتصبح اليوم أوّل دول العالم بالصناعات التكنولوحيّة.
فالإستسلام جعلها من رواد الصناعات منذ الخمسينات و أهم رواد الإقتصاد عالمياً منذ السبعينيات.
و مذهل وجه شبه أحداث اليوم و أحداث الغد مع فارق واحد وهو انعدام الرؤية و الآفاق عند حسن و حاشيته.
هل فعلاً تكلم مع الله و كلّفه؟ هل شرعيته من الله الذي ينتخبه أم من جمهور إيران في لبنان حيث أن ميليشياته هي فرع للحرس الثوري في لبنان؟
اوليس جلياً رجوع الأرضية عن التكليف؟ لا يختلف إثنان أن غالبية اللبنانيين ضد الحرب حتى التململ واضح و علني في البيئة الحاضنة، أمّا على الصعيد الرسمي فرئيس الحكومة جاهر علناً أن قرار الحرب و السلم خارج الحكومة.
أمّا النتيجة فهي حتى اللحظة واضحة، خسارات في صفوف الحزب، دمار جزئي للبنيان، دمار كامل للحركة و الإقتصاد، دمار شامل للبلد بعد ما تسببه الحزب من دمار اقتصادي و سياحي فلم يعد بإمكان لبنان استقطاب أي مستثمر أجنبي لعدم شعوره بالأمان و لا حتى تاريخنا الفينيقي النابض الذي يستمر منذ ستة آلاف سنة حضارة محفورة في الدامور و جبيل مروراً بإختراع الأبجدية و المقامات الدينية على انواع لا تستطيع إغراء سائح أو إستمالة طالب او طبيب بعد أن كان لبنان مستشفى الشرق و مصرفه و جامعته منذ القدم و حتى بيروت أم الشرائع سرق منها السلاح كل شرعية و أصبحت شريعة البقاء للأقوى و السلاح المتفلت الذي أرعب شوارعها.
يا حسن إنظر و أقرأ و أخرج بما يحفظ ماء الوجه، فالخسارة إن كانت بالنقاط أو بالضربة القاضية ليست في الحقيقة ربح و لطف غير محسوب … حتى لو ظهَرتَ بعد الدمار وخرجت لجمهورك معلناً نصر وهمي فالدمار لن يصلح و ان صلح الأرواح لن تعود!