معركة كسر العظام في لبنان: صراع الدولة و«حزب الله» يقترب من الانفجار!
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

في تطورٍ لافتٍ يعكس توترات الساحة السياسية في لبنان، شهدت الأيام الأخيرة تحركاتٍ احتجاجيةً واسعة من قبل مناصري حزب الله، في مشهدٍ سرعان ما حاول الحزب نفسه التنصل منه، مدعيًا أنها تصرفاتٌ فرديةٌ من عناصر "غير منضبطة". لكن اللافت أن هذه التحركات جاءت مترافقةً مع حملة تحريضٍ علنيةٍ ضد العهد الجديد، ممثلًا برئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، حيث وُجِّهت لهما اتهاماتٌ بالخضوع لقراراتٍ إقليميةٍ بطريقة "مذلة"، ترافقت مع رسائل تهديدٍ مبطنةٍ تجاه الجيش اللبناني وتحذيراتٍ من عواقب المراهنة على انضباط حزب الله وقواعده الشعبية، في حال استشعرت أي محاولةٍ "لإذلالها".
وفي إطارٍ أوسع، بدا واضحًا أن هذه التحركات لم تكن عشوائية، بل جاءت في سياق تعبئةٍ مستمرةٍ لجمهور الحزب، من خلال تسليط الضوء على ملفاتٍ حساسةٍ، مثل مستقبل العلاقات اللبنانية - الإيرانية. إذ سرت شائعاتٌ حول نية الحكومة اللبنانية اتخاذ إجراءاتٍ قد تقطع الدعم المالي الإيراني عبر منع هبوط الطيران الإيراني في مطار بيروت الدولي، فضلًا عن توجيه ضغوطٍ مباشرةٍ على مؤسسة القرض الحسن، وصولًا إلى الحدّ من نشاطها المالي واعتبارها كيانًا غير قانوني، في خطوةٍ من شأنها أن تُفقد الحزب إحدى أدواته الاقتصادية الأساسية.
أما على صعيد اتفاق وقف إطلاق النار، فإن تطبيق القرار 1701 يفتح الباب أمام تفسيراتٍ متضاربةٍ حول نطاقه وحدوده، فهل يقتصر على جنوب نهر الليطاني أم يشمل كل لبنان؟ في هذا السياق، جاء تصريح رئيس الحكومة نواف سلام حاسمًا، حين أكد أن "سلطة الدولة اللبنانية يجب أن تُبسط بقواها الذاتية من النهر الكبير شمالًا إلى الناقورة جنوبًا"، في انتقادٍ واضحٍ لما اعتُبر "تذاكيًا" في تفسير المنطقة المنزوعة السلاح جنوب الليطاني. في المقابل، أعاد رئيس مجلس النواب نبيه بري فتح النقاش حول ملف السلاح شمال الليطاني، معتبرًا أنه "شأنٌ لبنانيٌ يُناقش على طاولة الحوار ضمن استراتيجيةٍ دفاعية"، في موقفٍ ينسجم مع تصريحات نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، لكنه يتناقض مع رؤية الرئيس جوزف عون التي تُشدّد على حصرية السلاح بيد الدولة.
من الواضح أن البلاد تقف أمام مرحلةٍ دقيقةٍ ومفصليةٍ، حيث تشهد إعادة ترتيبٍ لموازين القوى الداخلية والخارجية. وبينما تتصاعد التوترات، يبقى السؤال الأهم: هل سينجح العهد الجديد في فرض منطق الدولة أم أن لبنان مقبلٌ على تصعيدٍ جديدٍ يضعه أمام تحدياتٍ غير مسبوقة؟