كفى تكابرًا… حزب الله خسر الحرب وخسر لبنان معه
بقلم عبد الحميد عجم
لم يعد الصمت مقبولًا. فـ"حرب الإسناد" التي حاول حزب الله ترويجها كـ"ملحمة نصر جديدة"، انتهت بكارثة استراتيجية وعسكرية للحزب نفسه.
الواقع الميداني والدمار الواسع والاعترافات غير المعلنة من داخل بيئته تؤكد أن الحزب خسر جزءًا كبيرًا من قياداته الميدانية، ومستودعات سلاحه، ومصادر تمويله الخارجية. ومع ذلك، يخرج الشيخ نعيم قاسم ليقول إنهم “انتصَروا” وأن “المقاومة منعت إسرائيل من تحقيق أهدافها”.
أيّ أهداف يتحدث عنها؟ هل انتصارٌ أن تُدمَّر البنى التحتية للجنوب وأن يُهجّر آلاف العائلات؟ هل نصرٌ أن يبقى لبنان رهينة سلاح غير شرعي يقرّر الحرب والسلم من دون الدولة؟
لبنان ليس مزرعة لأحد، وليس ملكًا خاصًا لحزب الله ولا لأي تنظيم يحمل راية “المقاومة” ليغطي بها مشروعًا سياسيًا وإقليميًا.
حين يقول نعيم قاسم إن “لبنان في خطر وجودي”، فهو يخطئ في العنوان.
الخطر الوجودي الحقيقي ليس من الخارج، بل من سلاح موجَّه إلى الداخل، وسلطة توازي الدولة، وخطاب يحتكر الوطنية ويُقصي الجميع.
أين الدولة في كل هذا؟ أين فخامة الرئيس الذي أقسم على حماية الدستور؟
أليس من واجبه أن يضع حدًّا لهذا التمادي السياسي والإعلامي الذي يتعامل مع مصير اللبنانيين وكأنهم رعايا ضمن “إمارة حزبية”؟
المصادر العسكرية والإعلامية الدولية تتحدث بصراحة عن أن حزب الله تلقى ضربات قاسية في "حرب الإسناد"، خسر خلالها منظومات متطورة وصواريخ دقيقة وقادة من الصف الأول.
ومع ذلك، يصرّ الحزب على التمسك بسردية النصر، كمن يحاول تغطية الجرح بالخطابة.
لكن الحقائق لا تُخفى: حزب الله لم يعد كما كان قبل الحرب، لا عسكريًا ولا سياسيًا، بل أصبح محاصرًا بين ضغط داخلي شعبي، وضغط دولي يطالبه بالخروج من لعبة تدمير الدولة.
إنّ الوقت قد حان لموقف رئاسي جريء وواضح.
لم يعد مقبولًا أن يتحدث الأمين العام لحزب الله باسم “مصير الشعب اللبناني” وكأن الحكومة والمؤسسات مجرّد ديكور.
لبنان بحاجة إلى رئيس يعيد الاعتبار لمفهوم السيادة، ويقول بوضوح: السلاح خارج الدولة لم يعد مقبولًا، ومن يريد الدفاع عن الوطن فليكن تحت راية الجيش اللبناني فقط.
لبنان اليوم يقف عند مفترق تاريخي.
إما أن يُستعاد القرار الوطني من يد حزب الله، وإما أن يبقى البلد ساحة مفتوحة لصراعات الآخرين.
من حق المقاومة أن يُذكر تاريخها، لكن من حق الشعب أن يعيش حاضره.
الخط الفاصل واضح: إما دولة لكل اللبنانيين، أو دويلة تعيش فوقهم جميعًا.