‎نواب ووزراء على حساب الدولة… وضد الدولة

بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

‎نواب ووزراء على حساب الدولة… وضد الدولة

لبنان يعيش مفارقة صادمة: نواب ووزراء من حزب الله وحركة أمل يجلسون في مؤسسات الدولة، يقبضون رواتبهم ومخصصاتهم من خزينة مفلسة تموَّل من جيوب الشعب، لكنهم في الوقت نفسه يرفضون الاعتراف بقرارات هذه الدولة، ويضعون سلاحهم فوقها.

النائب يستمد شرعيته من البرلمان، لكنّه يعلن أنّ قراراته لا تلزمه.

الوزير يقسم اليمين الدستورية على احترام القوانين، لكنه يتصرّف على أساس أن الكلمة النهائية تعود للحزب لا لمجلس الوزراء.

رواتبهم تأتي من مال الشعب، لكن ولاءهم السياسي والأمني معلّق على السلاح.

هكذا تحوّل لبنان إلى بلد يدفع من جيوب مواطنيه أجوراً وامتيازات لمن ينسف الدولة من داخلها.

في 5 و7 آب، اجتمع مجلس الوزراء وأكد بالإجماع أن السلاح يجب أن يكون حصرياً بيد الدولة. كان ذلك إعلاناً رسمياً عن سيادة الدولة. لكن ماذا حصل؟ خرج الأمين العام لحزب الله، نواب الحزب، وحتى إعلامه ليعلنوا: لا أحد يستطيع نزع السلاح. أما وزراؤهم، فجلسوا في الحكومة ليكرّسوا التناقض: حضور شكلي، وقرار فعلي من خارج المؤسسات.

المواطن اللبناني يسدد الضرائب وسط أزمة خانقة، بينما تُستنزف أمواله لدفع رواتب نواب ووزراء يرفضون الاعتراف بالدولة التي تمنحهم شرعيتهم. هذا ليس فقط فساداً مالياً، بل خيانة سياسية صريحة: الاستفادة من مؤسسات الدولة لإضعافها.

إمّا أن يكون النائب والوزير ملتزمَين بقرار الدولة التي تمنحهما الشرعية والراتب.

أو أن يعلنا صراحة أنّهما خارج الدولة، ويتركا مقاعدهما وامتيازاتهما.

أما الجمع بين الاثنين ـ وزير في حكومة لا يعترف بقراراتها، ونائب في برلمان يتحدّى دستوره ـ فهو فضيحة سياسية بكل المقاييس.

لبنان لا يستطيع أن يبقى أسير هذه الازدواجية القاتلة: دولة تدفع رواتب لنواب ووزراء يرفضون سلطتها. إن استعادة هيبة المؤسسات تبدأ من هنا: منع من يرفض قرارات الدولة من الاستمرار في مؤسساتها. فمن يعمل ضد الدولة لا يمكن أن يستمر موظفاً لديها.