اللبنانيون قالوها: تعبنا من الحرب... نريد وطنًا يشبهنا من “بلد البنادق” إلى “سويسرا الشرق” مجددًا

بقلم الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد عجم

اللبنانيون قالوها: تعبنا من الحرب... نريد وطنًا يشبهنا  من “بلد البنادق” إلى “سويسرا الشرق” مجددًا

لم يعد في لبنان من لم يتعب.

تعبت الجبال من رائحة البارود، وتعبت المدن من انقطاع الضوء،

تعب الناس من انتظار “الانفجار القادم” كأنه موعدٌ يومي لا مفر منه.

لكن خلف كل هذا التعب، يولد من جديد شعور لبناني عابر للطوائف:

شعور أن هذا الوطن يستحق حياة أفضل من الفوضى، وأكبر من الانقسام.

اللبنانيون اليوم، بجميع طوائفهم دون استثناء، يرفعون الصوت الواحد:

> “كفى. نريد لبنان الذي كنا نعرفه... لبنان الذي يشبه الحلم.”

قبل أن تأكله الحروب، كان لبنان قلب المنطقة النابض بالحياة.

بلدٌ صغير المساحة، عظيم الأثر.

فيه كانت المصارف تزدهر مثل حدائق الياسمين،

وكانت الليرة تُقارن بالدولار،

وكانت بيروت قبلة المال والثقافة والسياحة.

لم يكن أحد يذكر كلمة “ميليشيا”،

بل كان اللبناني يعرّف نفسه بكلمةٍ واحدة: “مواطن”.

كان السائح العربي يقول عنها “باريس الشرق”،

والأوروبيون يسمّونها “سويسرا الشرق” 

لجمالها، لحيادها، لتنوّعها، ولقدرتها الفريدة على جمع المختلفين دون أن يذوب أحدهم في الآخر.

من بيروت إلى البقاع، ومن صيدا إلى طرابلس،

يخرج اللبنانيون بصمتٍ يصرخ:

نريد دولة لا سلاحًا،

نريد قانونًا لا رايات متقابلة،

نريد سيادة لا ولاءات.

إنهم لا يطلبون المستحيل،

بل يطالبون فقط أن تعود البندقية إلى مكانها الطبيعي 

 تحت علم الجيش اللبناني،

وأن يعود القرار إلى مكانه الشرعي في مؤسسات الدولة.

اللبناني لا يريد أن يقاتل جاره، بل أن يزرع معه، أن يبتسم له، أن يعيش إلى جانبه.

تعبوا من الحروب، من الشعارات، من انتظار “التسويات الكبرى”.

يريدون تسوية واحدة فقط: سلامٌ لبناني يصنعه اللبنانيون أنفسهم.

أيها العالم...

لبنان لا يريد أن يكون ساحةً بعد اليوم.

هذا الشعب الذي أنجب المثقفين، والعلماء، والمبدعين،

يريد فرصة ليعيد كتابة تاريخه بيده.

ساعدوه لا بالمال فقط، بل بالاحترام.

ادعموه لا بالمشاريع السياسية، بل بحقّه في أن يحيا بسلامٍ وكرامة.

لقد قدّم لبنان للشرق معنى الجمال،

وقد حان الوقت أن يعيد العالم إليه معنى العدالة.

لبنان لا يموت، لكنه تغيّر.

هو اليوم على موعدٍ مع نهضةٍ تبدأ من الداخل — من إرادة الناس، لا من وعود الخارج.

اللبنانيون كلهم، بكل طوائفهم، قرروا أن يعيدوا بناء وطنهم الذي عرفه العالم باسم “سويسرا الشرق”.

بلدٌ للحياة لا للحرب،

للإبداع لا للدمار،

للمستقبل لا للماضي.

في النهاية، لبنان لا يحتاج إلى معجزة…

بل فقط إلى أن يتذكّر نفسه.